كيف يمكن للمجتمع المدني الإسهام في ضمان سنة دراسية آمنة وناجحة؟

دخول مدرسي استثنائي ذلك الذي تعيشه بلادنا وكل بلدان العالم، حيث تزامن الدخول الجديد مع وباء كوفيد 19، الذي انتشر عبر بقاع العالم، ولم يكن المغرب استثناء، حيث ارتفعت مؤخرا عدد الإصابات والوفيات بالتزامن مع التحاق التلاميذ بفصول الدراسة، مما يفرض على جميع المعنيين من هيئات رسمية وأسر وهيئات سياسية ومدنية أخذ المزيد من الحيطة والحذر والالتزام بالتدابير الاحترازية، والإسهام في مجهودات التحسيس والتوعية بالتهديدات التي يخلفها انتشار هذا الوباء، لضمان سنة دراسية آمنة وناجحة.

دور المجتمع المدني

قال لحسن سيبوس، رئيس جمعية إزماون نايت عبد العزيز للعمل الثقافي والتراث المحلي، إن دور المجتمع المدني مهم في هذه الظرفية الحرجة التي ينبغي أن تتضافر فيها الجهود وتتوحد فيها كل قوى المجتمع المدني، من أجل مواجهة فيروس كورونا المستجد والحد من تداعياته الخطيرة من أجل ضمان سنة دراسية آمنة وناجحة.

وأضاف سيبوس، في تصريح لـ “مجلة العدالة والتنمية” في عددها 19 الصادر نهاية الأسبوع الماضي، أن دورهم بصفتهم جمعية للمجتمع المدني، يشمل الجانب التحسيسي التوعوي، وذلك للعمل على توجيه وتوعية المواطنين والمواطنات بمخاطر الفيروس والآثار المترتبة عنه وبضرورة احترام الإجراءات المتخذة والبروتوكول الصحي المقرر.

وأوضح الناشط الجمعوي،  أن دور الجمعية كفاعل أساسي داخل المجتمع يفرض العمل على توجيه المواطنين إلى أهمية التعاون بطريقة تتماشى مع الإمكانيات لتجاوز هذه الفترة الاستثنائية، مضيفا أن هذه العملية، تتم في إطار قانوني وبتنسيق وإشراف من طرف السلطات المحلية.

وأشار رئيس الجمعية في هذا الصدد، أنه يتحتم على المجتمع المدني حشد العنصر البشري وكل  الطاقات المتوفرة، وضخها في أعمال التحسيس والتوعية وأحيانا تنشيط الأطفال وتوجيههم للطرق الأسلم للوقاية من خطر الإصابة بالفيروس الخبيث، إضافة لدعم المؤسسات العمومية في ميادين مختلفة.

وأشار سيبوس، إلى أنه من أجل إنجاح  الموسم الدراسي الذي يختلف عن غيره تزامنا مع انتشار الجائحة، وما خلفته من أزمة في كل المجالات، فإن للمجتمع المدني دورا كبيرا في مواجهته وذلك من خلال الانخراط في عدد من المبادرات، وتنظيم أنشطة مختلفة تروم حماية التلاميذ بتنسيق مع إدارة المدرسة  وجمعيات الآباء، بالإضافة إلى مواكبة تعقيم الأقسام وتجهيزات المدرسة ومرافقها وتوفير مستلزمات الوقاية، مضيفا أن الظرفية الصعبة تستدعي من الجميع إبداء مقاومة كبيرة بحسب ما يمليه واجب المسؤولية والوطنية.

المجتمع المدني فاعل أساسي

من جهته، أكد محمد بوغطة، مدير مؤسسة للتعليم الأولي الخاص، أن المجتمع المدني يبقى الفاعل الأساسي في إنجاح الموسم الدراسي، من خلال القيام بواجب التحسيس والتوعية سواء للأبناء أو الآباء، وذلك من أجل القيام بأدوارهم اتجاه أبنائهم ومجتمعهم.

وأوضح بوغطة، في تصريح مماثل لـ “مجلة العدالة والتنمية”، أن دور المجتمع المدني في ضمان دخول مدرسي يراعي شروط السلامة والأمن،  يتجلى في توعية التلاميذ بأخطار هذه الجائحة، وسبل الوقاية منها، وكذا الحرص على التزام الأبناء بالبروتوكول الصحي، وتوفير مستلزمات الحماية من الفيروس إلى جانب المستلزمات الدراسية.

ومن أجل تعزيز أدوار الأطر التربوية، شدد مدير المؤسسة، على  أن من أهم الأدوار التي يمكن للمجتمع المدني القيام بها، هي تقوية عملية التواصل مع التلاميذ وتقديم الدعم النفسي لهم في ظل انتشار الجائحة، من خلال تحسيسهم بالقوة والطمأنينة، وطرد الخوف والهلع عنهم.

وأبرز المتحدث ذاته، أهمية التوعية بالنسبة للأطفال، باعتبارهم في مرحلة التلقي، حيث يستجيبون بسهولة لكل ما يتلقونه من معلومات، مضيفا أن حثهم على التعاون مع المؤسسة والأساتذة عامل مهم في  إنجاح الموسم الدراسي، إلى جانب أدوار المجتمع المدني التضامنية ومساعدة المتضررين من خلال توفير الكتب والأدوات ووسائل التعلم ومتابعة الدراسة حضوريا وعن بعد.

اليد الواحدة لا تصفق

من جهة أخرى، وبخصوص دور فعاليات المجتمع المدني في توعية المواطنين للتصدي للجائحة، أوضح علي الشعباني، أستاذ علم الاجتماع، أن “اليد الواحدة لا تصفق، إذ لابد أن يكون هناك تعاون الجميع وخاصة المواطنين الذين يجب أن يتقبلوا النصائح والتوجيهات”.

وشدد المتحدث ذاته، أنه رغم المجهودات التي يمكن أن تبذلها الجمعيات في إنجاح الدخول المدرسي الموسم الدراسي بصفة عامة من خلال التوجيهات العامة الخاصة بالإحترازات الضرورية ضد هذا الوباء، فلابد أن تكون هناك قابلية للاستيعاب والتجاوب من طرف المواطنين، حيث هناك بعض النماذج التي لا تقتنع بكل هذه النصائح ومازالت تستهزئ بالوضع”.

وأوضح أن العقليات يجب أن تتغير، ولكن لا يمكن تغييرها في لحظة الأزمة فقط مهما بذل من جهود، فالعمل يجب أن يكون في السنوات الماضية وفق إستراتيجية واضحة، إذ لا يجب أن يترك الأمر إلى حين وقوع أزمة ويتم البحث عن الحلول الجذرية لمعالجتها، وما يمكن أن تقوم به الفعاليات الجمعوية والدولة أيضا بكل مؤسساتها هو التخفيف من الأثر السلبي لذلك.

وأوضح أن الإشكال مرتبط بسياسات تم نهجها أهملت المواطن العادي، بحيث هناك احتقار لذكاء المجتمع المغربي وحين بدأت الدولة والجمعيات توعية المواطنين وجدت جزءا كبيرا منه غير قابل للتجاوب مع هذه النصائح التي تتم بعض المرات من طرف السلطات والتي كثيرا ما يتميز أسلوبها بعدم اللباقة، مما يضرب كل اسهامات وجهود جمعيات المجتمع المدني في الصفر.

وتابع قائلا: “التوعية والتوجيه مهمة مشتركة بين كل الأطراف المتدخلة، ولا يمكن للجمعيات وحدها أن تقوم بهذا الدور دون استحضار دور السلطات وغيرها من الأطراف”.

وأشار الشّعباني، إلى أن مجهودات التوعية التي تقوم بها الأسر مثلا أو الجمعيات كثيرا ما تنهار أمام تناقضات أخرى، متعلقة بقرارات حكومية أو قرارات الدولة التي يمكن أن يراها أنها غير منسجمة أو لم تتم في وقتها المناسب مما يفقد الثقة لهذا المواطن ويزيد من صعوبة تقبله لأي توجيهات من أي فاعل كيفما كان، لذلك “أرى أن نجاح توجيهات ونصائح أي فاعل معين كيفما كان وكيفما كانت منطلقاته يجب أن تتم في إطار من التكامل بين كل المتدخلين”.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.