استنكار نشر الرسوم المسيئة .. الموقف الذي يليق بالمغرب

بشكل رسمي وعبر بلاغ  لوزارة الخارجية، عبرت الحكومة المغربية على الموقف الذي يليق بالمغرب، مستنكرة الإمعان في نشر الرسوم المسيئة للرسول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم  ووصف البلاغ تلك الأفعال، بأنها “تعكس غياب النضج”، وأضاف أنه “لا يمكن لحرية التعبير، لأي سبب من الأسباب، أن تبرر الاستفزاز والتهجم المسيء للديانة الإسلامية التي يدين بها أكثر من ملياري شخص في العالم”. وأكد البلاغ أنه بقدر شجبه لهذه الاستفزازات المسيئة لقدسية الدين الإسلامي فإنها تستنكر كل أعمال العنف الظلامية والهمجية التي ترتكب باسم الإسلام.

هذا الموقف المتوازن يؤكد أنه حين يتعلق الأمر بثوابت الأمة والتصدي للنزعات الإسلاموفوبية شأنها في ذلك شأن نزعات الغلو والتطرف، فإن مواقف المغربي تكون من الوضوح ومن الاستقلالية اللازمة : استقلالية توجهات المغرب وديبلوماسيته في مثل هذه القضايا، حيث أنه بقدر حرصه  المصالح الوطنية أو المصالح المشتركة،  فإنه لن يجعل في يوم من الأيام  منها ذريعة  للتفريط في تلك الثوابت أو التهاون في الدفاع عنها، وخاصة حين يتعلق الأمر بسلوك أرعن وإصرار على استفزاز مشاعر المسلمين بالإساءة إلى نبيهم محمد صلى الله وسلم على بعد أيام من احتفالات المسلمين بذكرى مولده العطرة .

يحق للمغاربة أن يفخروا بانتمائهم لهذا الوطن الذي اختار نهج الاعتدال والوسطية والتسامح في المجال الديني وفي المجال السياسي والديبلوماسي ،

فالمغرب بقدر حرصه على تعزيز علاقته بشركائه الاقتصاديين في الاتحاد الأوروبي، فإنه حريص على أن تكون  تلك الشراكة قائمة على تحقيق المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، مع الاحتفاظ باستقلالية  في تدبير سياسته الداخلية،  ورفض المقايضة في قضاياه الوطنية المبدئية مثل ملف وحدته الترابية أو في موقفه من القضايا العادلة للأمة مثل القضية الفلسطينية بتلك المصالح،

 ومن هنا تأتي قوة الموقف المغربي  المدين للإساءة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ووقعه وتأثيره، والتجاوب الكبير الذي لقيه لدى المسلمين والمنصفين من غير المسلمين.  

وفي علاقتنا مع الأشقاء في الخليج العربي تأكد نفس النهج في الاحتفاظ باستقلالية قراره الوطني الداخلي والخارجي، والنأي بنفسه عن الخلافات بين الأشقاء أو الارتهان في علاقاته مواقفه  بمصالح اقتصادية ضيقة  تكون نتيجتها التفريط في العلاقات الأخوية التي  تربطه بكل الأطراف.

البلاغ الرسمي الصادر عن الحكومة المغربية في شخص وزارة الخارجية  هو انعكاس لنهج الوسطية والتوازن والاستقلالية، حيث أبرز من جهة  أنه باعتباره بلدا إسلاميا  وسطيا يوجد على رأسه رئيس للدولة هو أمير المؤمنين سليل الدوحة النبوية، يدين كل مظاهر التطرف والهمجية التي يرتكبها البعض باسم الإسلام ،

هو موقف يعبر ويتجاوب  مع شعور أكثر مليار مسلم في العالم ، يشترك معهم في تبني كلمة التوحيد التي يتكون شقها الثاني من كلمة ” وأن محمد رسول الله ” ،

 ومن ذلك المنطلق لم يكن ممكنا أن يسكت عن مثل هذه الاستفزازات، والتي تزج بقضايا تهم المسلمين وتتاجر بمقدساتهم في سباقات انتخابية لا تعني إلا أصحابها.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.