نورالدين قربال يكتب: أوربا وضرورة الاعتراف بمغربية الصحراء 

نورالدين قربال

اعترفت الولايات المتحدة بمغربية الصحراء وسيادته الكاملة على مناطقه الجنوبية، من خلال قرار سياسي وقانوني وقعه الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”. مع التأكيد على فتح قنصلية بمدينة الداخلة، والشروع في أنشطة اقتصادية واجتماعية، تستهدف ساكنة المناطق الجنوبية أولا، والمحيط الإقليمي والدولي. مع التأكيد على مشروع الحكم الذاتي كحل سياسي وواقعي ودائم.

           وقد رحب المغرب بهذا الموقف الأمريكي، إذ تربطنا بالولايات المتحدة الأمريكية   علاقة تاريخية تعد بالقرون. 

ويعتبر هذا الموقف تغيرا في مجرى قضية وحدتنا الترابية، من الراجح ان تترتب عليه تحولات كبرى إقليميا ودوليا، بعد دعم أكثر من سبعين دولة بما قامت به القوات المسلحة الملكية بتوجيه من القائد الأعلى جلالة الملك، أثناء تأمين معبر الكركرات الرابط بين المغرب والشقيقة موريطانيا.

         والسؤال المطروح اليوم: لماذا لا تختار أوربا نفس المسار؟ 

إن الجواب على هذا السؤال ليس تدخلا في قراراتها لكن لأننا نستحضر  العلاقات الوطيدة والمصالح المشتركة التي تجمعنا بها على جميع المستويات. 

وفي تقديري المتواضع  فهناك أسباب متعددة تحتم على أوربا الانضمام إلى الموقف الأمريكي ومساندته، نذكر منها ما يلي:

        -لا يمكن أن تظل أوربا متفرجة على ما يحدث في محيط لها به علاقة وطيدة، وخاصة أنه في صالحها أن يطوى ملف الصحراء المغربية بعدما عمر طويلا.

        -إن الولايات المتحدة الأمريكية دولة كبرى باعتراف الجميع، ولها دور استراتيجي في الأمم المتحدة، وعضو دائم بمجلس الأمن للأمم المتحدة.

        -لأوربا علاقات تاريخية وإنسانية مع المنطقة، وشراكات اقتصادية مهمة مع دولها.

         -إن الاعتراف بمغربية الصحراء سيحل مشاكل متعددة تعاني منها اوربا أولا وهي أدرى بها جيدا.

         -الاتحاد الأوربي له علاقة وطيدة مع إفريقيا وللمغرب دور استراتيجي في تفعيل هذه العلاقة، عندما يتحرر من انشغالاته المتعلقة بقضيته الوطنية على المستوى الأممي ولأوربا مساهمة كبيرة في هذا الباب.

        -من المفروض  أن تعي أوربا أن هناك لا عبين جددا بإفريقيا والاعتراف بمغربية الصحراء عامل أساسي في التموقع ولا ينبغي أن تكون أوربا آخر من يلتحق بالقطار.

        -إن الاعتراف بمغربية الصحراء متناغم مع علاقة الجوار التي تربط المغرب بأوربا، وتعزز المنافسة في القارة الإفريقية، وليس من مصلحة أوروبا أن تفقد دورها ومكانتها مع دخول منافس قوي وذكي.

     

       – يفترض  في أوربا أن تراهن على شريك استراتيجي وهو المغرب الذي يشكل فاعلا دبلوماسيا على مستوى العالم العربي والدول الإفريقية، والشرق الأوسط وغيره لما يتصف بدبلوماسية الوسطية والاعتدال والوضوح والطموح.

      -إن الاستثمار بالمغرب وخاصة في مناطقه الجنوبية فرصة كبيرة لأوربا وسيكون المجال مفتوحا أمامها لتطوير استثماراتها وتعزيز علاقاتها الاقتصادية وتأمين مصالحها واتخاذ  نفس منهج الولايات المتحدة الأمريكية، ومن شأن ذلك أن يتشجع دولا أخرى لطي ملف الصحراء بصفة نهائية والتفرغ للتنمية الشاملة والمستدامة.

      -إن أوربا تدعم مشروع الحكم الذاتي، وهذه فرصة من أجل التأكيد على ما كانت تردده منذ زمان من أجل أن  تساهم في الأمن والاستقرار.

       -تدعيم الثقة في المغرب نظرا لعامل الأمن والاستقرار والتطور الذي يعرفه بالمقارنة بدول أخرى وقد أثبت جدارته وما زال في لحظات وباء كورونا الذي أربك العالم كله.

       -إن أوربا مطالبة اليوم بدعم التوجه الأمريكي والتعاون معه برغماتيا، مستثمرة الجوار مع المغرب، جاعلة بين أعينها الاستقرار ومحاربة الإرهاب الذي تعج به المنطقة.

       -التفكير في البعد المتوسطي حيث هناك مشاكل عالقة على مستوى الشرق الأوسط يمكن أن يلعب فيها المغرب دورا فعالا، خاصة على مستوى الأمن والهجرة السرية والإرهاب وغيرها من القضايا المشتركة.

        -دعم الحوار بين دول شمال إفريقيا ودول الشرق الأوسط كل هذا في صالح الجميع.

        من خلال هذه المساهمة المتواضعة أؤكد.دعلى أن هذه فرصة لا تعوض بالنسبة لأوربا للانضمام إلى الدول التي فتحت قنصليتها وإلى الموقف التاريخي للولايات المتحدة، . لقد ظلت أوربا تنادي بحل سياسي لقضية الصحراء المغربية، وهذه فرصة لتعلن موقفا شجاعا كما أعلنت عنه الولايات المتحدة الأمريكية. من أجل تصحيح الأخطاء التي كانت سائدة بالأمم المتحدة منذ الحرب الباردة التي أكل عليه الدهر وشرب.

        لقد أصبحت منطقة الساحل الصحراء بؤرة للتوتر الإرهابي، الذي أفسد كل شيء. ولا بد من التعاون جميعا من أجل إقباره، حتى تنعم الدول المعنية ببحبوحة السلام والاستقرار والتنمية.

        إن المنحى الأممي قادر على تحريك هذه العجلة لأن قراراته منذ 2007 بعد تقديم المغرب مشروع الحكم الذاتي، تؤكد على حل سياسي وبراغماتي، وواقعي، وذي جدية ومصداقية، وعملي.

-إن الدول المحيطة بالمغرب تعج بمشاكل اجتماعية قابلة لكل الاحتمالات لذلك فإن أي تأخر في التعاطي مع العرض المطروح تفاديا لمشاكل إقليمية ستنعكس على أوربا نفسها.

          -إن المغرب يتوفر على مقاربة شمولية دينيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا وفنيا ورياضيا…يمكن أن تسهم في حلحلة الوضع إذا وجدت الدعم وخاصة ما له علاقة بوحدتنا الترابية ومغربية الصحراء.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.