امتحان 7 يناير وما بعده: لماذا يعتبر “المجتمع الراشيدي” و”حزب العدالة والتنمية” أكبر الفائزين؟

بقلم: الحبيب الشوباني

 تابعت باهتمام كبير زخم النقاش الحزبي الداخلي لحزب العدالة والتنمية، وكذا النقاش العمومي والكتابات والمقالات التحليلية التي وُلدت من رحم اقتراع 7 يناير 2021 ونتائجه التي أفرزها سياسيا وانتخابيا.

ومساهمة في إثراء هذا النقاش العمومي الذي يعكس حيوية التدافع السياسي بإقليم الرشيدية وعموم الجهة، سأدلي بدلوي في هذا الحراك الفكري الخلاق، من خلال مجموعة من المقالات التحليلية التي ستتناول عدة محاور، تمتد من القراءة التشخيصية لنتائج اقتراع 7 يناير، مرورا بتحليل خصائص وطبيعة العروض السياسية المطروحة على “المجتمع الراشيدي” من قبل المتنافسين، وصولا إلى استشراف مستقبل المنافسة السياسية في الإقليم على ضوء المعطيات الصلبة المتوفرة لحد الآن.

وقبل الخوض في بسط هذه المحاور بشكل مفصل، أرى لزاما من الناحية المنهجية تسطير بعض المقدمات بمثابة رسائل مكثفة، كما أنها كذلك عناوين كبرى لخلاصات جوهرية أصوغها كما يلي:

١- الخلاصة الأولى: حصيلة تطور الحياة السياسية والحزبية بالإقليم، انتهى في 2021 إلى ما كشفته طبيعة العروض السياسية المطروحة على “المجتمع الرشيدي” من خلال محطة 7 يناير.  وتتلخص هذه الحصيلة في ثلاثة عروض متباينة شكلا ومضمونا: “عرض سياسي” يمثله مرشح العدالة والتنمية، و”عرض قَبَلي” يمثله مرشح قبيلة آيت خباش برمز الوردة، و”عرض الأعيان” يمثله مرشح الأحرار المدعوم من طرف أعيان جميع الأحزاب التي لم تشارك في هذه المنافسة الانتخابية. وهذه العروض الثلاثة كلها تحوز المشروعية القانونية والمجتمعية ولا تطرح أي إشكال على هذا المستوى.

٢ – الخلاصة الثانية: إن الرابح الأكبر من هذا الوضوح في المشهد الحزبي والسياسي في المستقبل القريب (الانتخابات العامة المقبلة) والبعيد (تشكل حياة سياسية جديدة على أساس عروض سياسية جديدة) طرفان إثنان: ▪︎”المجتمع الرشيدي” الذي سيتمتع بوضح أكبر في تحديد مواقفه الانتخابية بدون تردد ولا لبس▪︎وحزب العدالة والتنمية صاحب العرض السياسي الأوضح أمام المجتمع. ولذلك ستشكل نتائج اقتراع 7 يناير دعامة لتعزيز تصدر الحزب للمشهد السياسي، ما لم يظهر عرض سياسي أقوى، يتجاوز من حيث قوة إقناعه التنظيمي والسياسي والتنموي “العرض القبلي”، و”عرض الأعيان” المجتمعين أو المتفرقين.

 ٣- الخلاصة الثالثة: إن نسبة المشاركة عامل حاسم في إنتاج فرز حقيقي للقوى السياسية في المجتمع. ولذلك لا يمكن إنتاج أي نموذج تفسيري عقلاني وموضوعي للظاهرة الانتخابية في غياب مشاركة معتبرة للناخبين ( 2016 النسبة حوالي 52%، 2021 حوالي 14%). بهذا المعنى يكون حزب الأحرار هو الخاسر الأكبر مرتين في اقتراع 7 يناير، ويكون مرشح قبيلة آيت خباش الفائز بالاقتراع قد رسم بوضوح أكبر حدود الكتلة الناخبة الأقصى المتفاعلة مع طبيعة العرض القبلي، ويكون أيضا حزب العدالة والتنمية وكتلته الناخبة الصلبة التي لم تتوجه نحو صناديق الاقتراع لاعتبارات متعددة سنقف عندها بالبيان اللازم ، قد تلقوا هدية ثمينة ستكون وقودا لوعي جديد ، وتنظيم وتواصل أكثر فعالية، وبناء المواقف الضرورية استعدادا للاستحقاقات المقبلة، لمواصلة النضال من أجل التنمية والديمقراطية والمساهمة في خدمة “المجتمع الرشيدي ” بكل تعدده .

وهو ما سنفصل فيه القول في المقالات الموالية بحول الله.

(يتبع)…

ملاحظة سقطت تتعلق بضبط بعض المفاهيم المستعملة في المقالة :

1- مفهوم العرض السياسي: عرض يقدمه أعضاء في تنظيم سياسي يستند إلى مرجعية فكرية وبرنامج عمل ذو طبيعة وطنية أو جهوية أو محلية.

2- مفهوم العرض القبلي: عرض يقدمه تنظيم مجتمعي يستند أساسا إلى قبيلة أو عدة قبائل دفاعا عن مكانتها الاعتبارية ومصالحها المشروعة.

3- مفهوم عرض الأعيان: عرض يقدمه أعيان متنوعون في مشاربهم السياسية والقبلية وغيرها يستند على الدفاع عن مصالح مشتركة ذات طبيعة طبقية أحيانا.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.