أوريد: التكنولوجيا تُستغل من خصوم الديمقراطية لتتحول لديكتاتورية رقمية

في كتاب تحت عنوان “عالم بلا معالم” الطبعة الأولى لسنة 2021، أكد المفكر المغربي حسن أوريد، أن خصوم الديمقراطية من مرجعيات راديكالية يستعملون الثورة السيبرنطقية للتحكم والتتبع والضبط من خلال أدوات الرصد والأخبار الزائفة وأدوات التضخيم.

وأضاف أوريد في كتابه، الذي أصدره مؤخرا، أن التكنولوجيا عموما لها وجه آخر، حيث صارت الأنترنت تظهر بغير ما وضعته وآمنت به عقيدة “غوغل”، إذ تمنح السلطة السياسية وسائل غير متوقعة للضبط والتتبع وتضييق هامش الحرية الفردية، مشيرا إلى أن الأنظمة الاستبدادية وظفت الثورة “السيبرنطيقية” لصالحها بحيث يمكنها التتبع ومعرفة التّمَوقع والتصنت بشكل غير مسبوق.

وتابع أن السلطات الأمنية تتتبع حركة أي شخص وأي جماعة، من خلال وسائل الأثر التي تحدثها التكنولوجيا، إذ تفعل ذلك من بعيد، من دون حضور أو فجاجة، موضحا أن الحرب على الإرهاب ساهمت في إضفاء الشرعية على التعقب والتوغل في مجال الحرية الفردية.

وأبرز أن الثورة الرقمية سهلت الاتصال والتواصل، حيث غشيت المجال الخاص للأفراد، وحدت من حرياتهم، مشيرا إلى واقعة حدثت في يونيو 2013 حين نشرت جريدة “الغارديان” البريطانية في موقعها تسريبات عن الوكالة الامريكية الوطنية التابعة للوكالة الوطنية الامريكية تتضمن معطيات خاصة عن الأشخاص أو ما يسمى بمراقبة الجماهير من خلال الانترنت وشركات الخدمة الكبرى التي قد تكون متواطئة أو تحت ضغط الوكالة.

وشدد المتحدث ذاته، على أن مراقبة الجماهير تقترن بالأثر الذي أحدثته صدمة 11 شتنبر، حيث تبين أن على الولايات المتحدة أن تكون على معرفة بكل شيء عن أعدائها المحتملين واستباق كل شيء، إذ أنه بعد أحداث 11 شتنبر جعل الأجهزة الأمنية في منأى وحل من أي رقابة ديمقراطية، ولذلك لا تتورع الأجهزة من اقتحام المجالات الخاصة للأفراد.

وأشار أوريد، في هذا الصدد، إلى مقال نشر في مجلة “فوربين بوليسي” حول الديكتاتورية الرقمية، لـ “جوزيف رايت ايريكا فرانتز” و”اندريا كيندل تايلر”، والذي أكد أن الثورة الرقمية أصبحت دعامة للأنظمة التسلطية والديكتاتورية، “فقد سعت هذه الأنظمة أمام تحرك الشارع، سواء تحرك بعفوية أو بيد خفية الى استعمال الأدوات الرقمية لتبديد التذمر”.

وأشار المقال، حسب أوريد، إلى الوسائل التي تستعملها الأجهزة التسلطية من قبيل توقيف جهاز الخدمات serveur  وأنظمة الذكاء الاصطناعي للمراقبة من خلال الكاميرات أو فحص الوجه، واستعمال التكنولوجيا للرصد والتتبع والردع، مثلما تستعمل كذلك الاستنطاق، وقولبة الرأي العام أو لعملية التضليل ولاستهداف أشخاص معينين للنيل منهم ومن مصداقيتهم عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي.

الأضرار الجانبية

من جهة أخرى، وبخصوص ضحايا الثورة الرقمية، فهي، حسب أوريد، الحرية وما يترتب عنها من حرية فردية، مبينا أنه لم يسبق قط أن أصبح الانسان عاريا قابلا للاقتفاء وشفافا من خلال ما يسمى بسلسلة الأثر، التي تسمح بـ “جمع أكبر قدر من المعلومات عن أي شخص وتخزينها ومعالجتها، من خلال لوغاريتمات متطورة”، بل يصبح من الممكن “استباق تصرف شخص ما من خلال دراسة الملمح السيكولوجي بقدر ما تنتفي الشفافية وتتوارى الحرية الفردية”.

وأضاف المتحدث ذاته، أن الثورة الرقمية تخلق عالما افتراضيا، من خلال توسيع الشبكة، فيصبح الشبح حقيقة والحقيقة افتراضية أو شبحية، فـ”مجانية الخدمات تخلق علاقات عبودية، إذ تصبح الثورة الرقمية أداة من أدوات خلق انسان غير قادر على التركيب، أو اكتساب معارف عميقة فضلا عن اختلالات نفسية”، مبينا أن هذه الثورة يمكن أن تجهز على “التربية وعلى العلاقات الإنسانية وتخلق ما يسميه ميشيل ديسمورجيت بصنع الانسان الاخرق أو الأنوك”.

 

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.