“كورونا”.. هل يعود المغرب إلى تخفيف الإجراءات الاحترازية بعد عيد الفطر؟

أكد الدكتور الطيب حمضي، الباحث في السياسات والنظم الصحية، أنه يمكن للمغرب اليوم بعد أن تحكم لعدة أشهر في الوضعية الوبائية وتقدم في الحملة الوطنية للتلقيح ضد “كورونا”، أن يشرع بعد مرور عطلة عيد الفطر، في التخفيف من الإجراءات والتدابير الترابية والتقييدية بشكل تدريجي وآمن، للسماح بالعودة للأنشطة الاجتماعية والاقتصادية والتجارية بحرية أكثر.

إمكانية تخفيف الحظر

وشدد حمضي، في حديثه لـ “pjd.ma ” على أن اعتماد هذا التخفيف يتعين أن يتم بالموازاة مع الاستمرار في احترام كامل للإجراءات الوقائية الفردية والجماعية إلى حين الوصول للمناعة الجماعية، معتبرا أن أكبر خطر هو السلوك غير المحترم للإرشادات الطبية، والازدحام والتجمعات بالأماكن المغلقة، بما فيها التجمعات العائلية داخل المنازل المغلقة.

وأفاد الباحث في النظم الصحية، أنه “بشكل تدريجي وبيقظة مواطنة مسؤولة، يمكننا تخفيف الإجراءات في انتظار الوصول للمناعة الجماعية، دون المخاطرة بحياتنا وحياة الآخرين ودون المخاطرة بتعقيد الحالة الوبائية ببلادنا ودفعها للرجوع لإجراءات مشددة تحرمنا من جني ثمار شهور من الصبر والجهود والتمتع بفصل صيف مستقر آمن ونشيط، في ظل الاجراءات الفردية نعم ولكن مع قليل من الاجراءات التقييدية”. 

وبناء على ذلك، سجل حمضي، أن التخفيف أصبح اليوم ليس فقط ضروريا لإعطاء المزيد من الأوكسيجين للحياة الاجتماعية والدورة الاقتصادية والنشاط السياحي وانقاد القطاعات الأكثر تضررا، بل أضحى ذلك ممكنا جدا، ولكن وفق رؤية وشروط أساسية ضامنة للتخفيف ومانعة لتقهقر الحالة الوبائية.

وفي هذا الصدد، أوضح الأخصائي ذاته، أنه يمكن للتخفيف من الإجراءات الاحترازية، أن يتم بعد أيام العيد وليس خلالها، مقترحا أن يتم التخفيف بشكل تدريجي، أخذا بعين الاعتبار طبيعة الأنشطة الاقتصادية والتجارية وتوقيت اشتغالها، بحيث يتم على سبيل المثال فتح المقاهي لحدود 9 مساء ثم تمديد هذا التوقيت فيما بعد.

محددات قرار التخفيف

وسجل حمضي، أن هناك خمس محددات أساسية تتحكم في صنع قرار التخفيف أو التشديد بالنسبة للإجراءات المتخذة للتحكم في الحالة الوبائية، وتتمثل أساسا في  المؤشرات الحالية، من حيث تطور الوضعية الوبائية،  ونسبة أفراد المجتمع الحاصلين على المناعة بالإصابة بالفيروس أو بفضل التلقيح، فيما يهم المحدد الثاني المخاطر المحتملة بخصوص الحالة الوبائية بدول الجوار وعالميا، ومدى وجود سلالات داخل البلاد أو ظهور طفرات جديدة عالميا.

ويتعلق المحدد الثالث لاتخاذ قرار التخفيف من الإجراءات الاحترازية،- بحسب الأخصائي ذاته-، بقدرة المنظومة الصحية على التحمل، فيما يهم المحدد الرابع سلوك المواطنين من احترام الإجراءات الحاجزية، واحترام التدابير الترابية، فيما يرتبط المحدد الخامس، بقدرة البلاد على مواجهة مخلفات الانفلات الوبائي، اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا.

وبخصوص الحالة الوبائية بالمغرب، قال حمضي، إن هناك مؤشرات إيجابية خلال الفترة الأخيرة، بمعدل تقريبي يبلغ 500 حالة جديدة يوميا واستقرار مؤشر الإصابة في 24 ساعة أقل من 1 لكل 100 ألف نسمة، مع معدل ملئ أسرة الإنعاش المخصصة لكوفيد-19 يصل لحوالي 7، وتسجيل أقل من 10 وفيات يوميا، فيما يبلغ معدل الحالات الإيجابية ما بين 3 و4 في المائة من مجموع التحاليل المجراة.

 وتابع الأخصائي ذاته، “نحن مشرفون على حوالي ستة ملايين مغربي تلقوا على الأقل الجرعة الاولى من اللقاح، وحوالي أربعة مليون ونصف تلقوا تلقيحا كاملا، مبرزا أنه بفضل نجاح الحملة الوطنية للتلقيح، وتركيبة المجتمع الشابة وصلنا اليوم الى الفئة العمرية 50 سنة فما فوق، علما أن تلقيح هذه الشرائح العمرية وذوي الأمراض المزمنة، يخفف كثيرا من الحالات الحرجة والوفيات بشكل مهم جدا.

تجنب انفلات وبائي

وبالمقابل، سجل الباحث في السياسات والنظم الصحية، أن “هناك جوانب تفرض علينا أن نكون حذرين جدا، وفي مقدمتها وجود المتحور البريطاني ببلادنا وانتشاره وهو الأكثر سرعة وأكثر شراسة، مع جود متحور هندي وإن كان محدودا”، مستدركا: “لكن ما يجعلنا حذرين أكثر هو سلوك بعض المواطنين وعددهم كبير، الذين يتصرفون وكأن الوباء أصبح وراءنا ولا يحترمون أدني شروط الوقاية لا الجماعية ولا الفردية”.

 واعتبر حمضي، أن “مثل هذا السلوك هو الذي يشكل خطرا علينا جميعا، وهو نفس السلوك، الذي أدى الى بعض المآسي التي نراها ببعض الدول”، داعيا في السياق ذاته، إلى  “الحرص التام على ألا تسمح بلادنا بأي حال من الأحوال بأن نجد أنفسنا أمام وضعية تعقيد أو انفلات وبائي، بما يفرض علينا العودة للإجراءات المشددة عوض الاستفادة من وضعية جيدة صحيا واقتصاديا وسياحيا واجتماعيا”.

وشدد في المقابل، على ضرورة التزام الجميع مواطنين ومؤسسات، بالإجراءات الوقائية الفردية والجماعية، مع عودة السلطات المحلية والأمنية والمجتمع المدني بقوة للشارع للعمل على احترام الإجراءات والتحسيس بها، مؤكدا الحرص على التتبع القوي للحالة الوبائية واليقظة الجينومية، مع تكييف الإجراءات وفق تطورات الحالة الوبائية جهويا ومحليا.

وخلص الباحث في السياسات والنظم الصحية، إلى أن المعطيات العلمية اليوم، تؤكد أن تجنب الأماكن المغلقة وتهويتها وأن الالتزام بالتباعد وارتداء الكمامات وتطهير اليدين ثلاث أو أربع مرات يوميا، من شأنه أن يكسر تماما منحنى الوباء، فيما علمتنا تجارب الدول أن الاستهانة بهذه الاجراءات يؤدي إلى كوارث وبائية غير محسوبة.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.