محمد عصام يكتب: قيامة 2021

محمد عصام

هل ستقوم القيامة سنة 2021؟!!!

سؤال مشروع يطرحه كل متابع لما يقع في مشهد السياسة الكئيب في هذا البلد، والأمر يتعلق في البداية والنهاية باستحقاق عادي، من المفترض أن يمر في جو من التنافس المؤطر بالقانون وتحت أعين المؤسسات، دون أن يعني ذلك أنه تحول إلى مسألة حياة أو موت!

فالمتابع لبعض الخرجات ولبعض السلوكات سيعتقد أن المغرب مقبل على قيامة وليس انتخابات،

إن الانتخابات في كل بلدان الدنيا مهما ارتفعت حرارتها، فإنها تعني استئناف دورة جديدة في الحياة  السياسية لتلك الدول، دورة سيكون فيها لصوت المواطن سلطة لتحديد لونها ورجالها وسرعتها بإرادته الحرة وباختياره المبني على مقارنة البرامج وعلى أساس المعاقبة او المجازاة للمدبرين الحاليين، في مثل هكذا وعي تتموقع الانتخابات كتمرين عادي وطبيعي بلا تهويل ولا تهوين.

اليوم في المغرب وللأسف ومنذ مدة ليست بالقصيرة، اتسم الإعداد لهذا الاستحقاق المقبل بنزعة انتقامية من المصوتين ذاتهم، تجلى ذلك في جعلهم على قدم المساواة مع الموتى ومع المسافرين ومع المقاطعين، فقط لأننا في المغرب لا نملك سعة من أمرنا لنهزم من نعتبرهم خصوما سياسيين، فلا ضير إن هزمناهم قبل أن تفصل بيننا وبينهم الصناديق، ولا إشكال إن تحكمنا في مخرجات تلك الصناديق ولتذهب الديمقراطية وأخواتها للجحيم.

لا بأس لدينا في المغرب إن عطلنا الدستور إلى حين، وتنكرنا لكل ما تدرسه الجامعات في علوم السياسة وفقه الدستور، وأبدعنا قاسما انتخابيا لا يشبه أي قاسم في العالم، فنحن شعب منذورون  للإبداع بلا حد ولا منطق ولا دستور!!!

في المغرب قبل الانتخابات تقوم قيامة أخرى، تدور رحاها على مرشحين من نوع خاص، لا يستقرون على حال ولا يدوم لهم “وجه”، يغيرون انتماءهم كما يغيرون جواربهم، وأحزاب تلهث خلفهم وتسرقهم من بعضها البعض في لعبة ألفها الجميع وطبع معها الكل، حتى غدت جزء أساسيا من اللعبة، وبدونها تصبح العملية برمتها بلا لون ولا طعم ولا رائحة!!!

إن ما نشاهده من تسابق للأحزاب على عينة من المرشحين، يؤشر على أزمة بنيوية في الجسم الحزبي، ويعمق سلوكات العزوف السياسي، ويضرب مصداقية العملية الانتخابية في الصميم، ويجعل الأحزاب ترهن مصيرها بحفنة من الكائنات الانتخابية مما يفقدها استقلاليتها ويضر بجاذبيتها.

في انتخابات المغرب تقوم قيامة صناعة الكذب، وتسيل أنهار الوعود الخادعة، وتستباح أعراض وخصوصيات المنافسين، وكذلك تتداخل المرجعيات فلا نفرق بين من كانت خلفيته يسارا ومن كانت يمينا ومن كانت يسار اليسار ومن كانت يمين اليمين أو الوسط أو غيرها، فكل الوجوه تصلح قناعا للحظة الخديعة وساعة التلبيس!!!

وأم القيامات هي تلك التي تستبيح الإعلام وتهين سلطته، فتحوله بزمام المال والإرشاء بوقا لمن يدفع أكثر، ولا ضير أيضا هنا إن صار الأبيض أسودا والأسود أبيضا، فلا صوت يعلو فوق قعقعة الدراهم، ولتذهب أخلاقيات المهنة وضوابطها للجحيم، فاليوم يوم الدرهم وغدا أمر.

فيا قومنا تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم، أن نتفق أولا أننا شركاء في الوطن، وأن شاركتنا تقتضي أن ندبر أمر السياسة بيننا بمنطق التنافس الشريف الذي تحسمه الصناديق، وأن لا غالب ولا مغلوب في لعبة الصناديق، إنما هو يوم لك ويوم عليك وتلك الأيام نداولها بين الناس، فمن يريد هزم خصمه فليشمر على ساعد الجد وليتوسل لذلك ” بالمعقول” ولا شيء غير ” المعقول”

إن القيامة اليوم قائمة كلها تحت عنوان كبير، أن لا إمكان لولاية ثالثة للعدالة والتنمية، وتحت ظل هذا العنوان انتظم أقوام وأجناس، لكنا نقول لهم هونوا عليكم فالطريق أقصر مما تظنون وأيسر مما تتخيلون، فقط اهزموا العدالة والتنمية بالصناديق وبالإقناع لا بالافتراء ولا بالتحايل على القانون والدستور.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.