هل تصمد “الوعود الزرقاء” أمام صخرة الواقع ووعي المواطنين؟

الدعاية الانتخابية “الزرقاء” أو التي تُمارس عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة الفيسبوك، أصبحت مرتبطة بشكل كبير برهان المصداقية والواقعية، ومرتبطة بشكل أكبر بواجب حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي للناخبات والناخبين، كما تطرح عدة تساؤلات حول مدى قدرة هذا الحزب أو ذاك، على الوفاء بتلك الوعود التي أصبحت تطلق مع كل استحقاق انتخابي.

وفي هذا الإطار، لاحظ كمال كحلي، الباحث في التواصل السياسي والرقمنة، في حديث مع pjd.ma، أن بعض الأحزاب السياسية وفي خطوة استباقية وخارج سياق الزمن المخصص للدعاية الانتخابية، وضدا على القانون الذي يؤطر الحملات الانتخابية، شرعت في حملتها الانتخابية والدعاية لبرنامجها الحزبي، مشيرا إلى أن هذا السلوك يقلل أيضا من فرص تحقيق الشفافية في التنافس الانتخابي وإفراز تمثيلية حقيقية.

وأضاف كحلي، أن العملية التواصلية ينبغي أن تكون مستمرة في برنامج الأحزاب السياسية وغير مرتبطة بأي ظرف أو زمن، لكن، يستدرك الباحث، تبقى غائبة في برامج الكثير من الأحزاب التي لا تلجأ لهذه العملية إلا مع قرب موعد إجراء الانتخابات، لتفاجئ المواطنين – للأسف الشديد – بعد غياب وصمت طويلين، بحزمة مكثفة ومتسارعة من الخرجات في الفضاء الأزرق، مقدمة وعودا انتخابية كبيرة.

وأضاف المتحدث ذاته، أن هذا التواصل الظرفي والموسمي، يؤثر بشكل سلبي على سمعة الأحزاب السياسية التي تمارسه، على اعتبار أن التواصل السياسي، هو فعل دائم ومستمر ومرتبط بفعالية الأحزاب وديناميتها.

واعتبر الباحث في التواصل السياسي، أن حضور بعض الأحزاب السياسية في الفضاء الأزرق وفي مواقع التواصل الاجتماعي، رغم أنه يعتبر أمرا إيجابيا يؤشر على مواكبتها للتحولات، لاسيما فيما يخص التحول الرقمي، إلا أن سؤال المصداقية والواقعية يبقى مطروحا بحدة، مشيرا إلى أن محاولات التأثير عن طريق التقنيات الحديثة والاستهداف المُمَوَّل لن يكون له إلا تأثير قصير المدى، وشدد على أن المحتوى الذي يجمع بين الصدق والواقع والربط بين الخطاب والسلوك، يبددان الصورة.

وأضاف أن استغلال بعض الأحزاب السياسية لقاعدة بيانات الاتصال الخاصة بالمواطنين، وإقدامها على معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي الخاصة بالناخبين من أجل حثهم على التصويت لفائدتها، يخالف على الأغلب، مقتضيات القانون رقم 08-09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين، ويعرض خصوصيتهم للانتهاك، كما أنه يؤثر على نزاهة العملية الانتخابية برمتها، باعتبار أن هذا السلوك انتهاك لمعطيات ذات طابع شخصي لأغراض سياسوية.

وفي مقابل ذلك، شدد كحلي، على أنه يتوجب على الأحزاب خلال تواصلها، السهر على حماية حقوق الأشخاص المعنيين في الحق في الإخبار بمناسبة تجميع معطياتهم الشخصية طبقا للمادة 5 من القانون 09-08 بهوية المسؤول عن المعالجة والغاية منها والمرسل إليهم أو فئات المرسل إليهم، بالإضافة إلى إخبارهم بالطابع الإجباري أو الاختياري للأسئلة المستعملة من أجل تجميع المعطيات الشخصية، وكذلك المنطق الذي يحكم كل معالجة آلية للمعطيات الشخصية المتعلقة به، مع تمكينهم من الولوج من أجل تصحيح أو تحيين أو مسح أو إغلاق معطياتهم الشخصية بسبب الطابع غير المكتمل أو غير الصحيح.

وخلص كحلي، إلى أن على الأحزاب السياسية تطوير وسائلها وتجويد خطابها السياسي، حتى تتمكن من دعم وظيفتها التأطيرية، وبناء جسور التواصل وفق مقاربة “تشاركية” مع مختلف الفاعلين، وأيضا تحقيق الشفافية وتيسير الولوج للمعلومات، إلى جانب الحرص على الوفاء بتحقيق الوعود الانتخابية التي تبقى الركيزة الأساسية الأهم في تعميق الثقة لدى المواطن الذي بات يقظا ومتوجسا من الخطاب السياسي لكثير من الأحزاب السياسية وقادتها الذين يلجؤون إلى إطلاق نفس الوعود الكبيرة والمغرية كلما اقترب موعد إجراء الانتخابات.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.