حمدوشي يكتب: استهداف “العدالة والتنمية”.. من التأليب إلى التشطيب!

عبد الإله حمدوشي

كان لابد لهذا الحزب أن يقف عند الحد الذي رُسم له.. كان لزاما عليه أن يعود القهقرى، إما بشكل ذاتي، أو بإبداع مالم يتوقعه من أساليب تحجيم وتقزيم ضده.. بدءا بحملات التشويه والاستهداف، مرورا بإخراج الفقراء المغلوب على أمرهم والأميين في مسيرات لصناعة سخط مزيف على الحزب وأمينه العام ومنتخبيه وقتها، ووصولا إلى الضغط على مرشحيه للانسحاب إما طواعية، وإما كرها بالمنع من الترشح، كما حصل مع حماد القباج في مراكش، بقرار من الوالي ضدا على الحقوق المدسترة في أسمى وثيقة قانونية تسري مقتضياتها على جميع المغاربة بعدالة ومساواة. لكنه رغم ذلك لم يتوقف.. فقد حصد هذا الحزب 125 مقعدا برلمانيا سنة 2016، ضدا على إرادة من لايريد أن يتصدر هذا التنظيم الحزبي الانتخابات لولاية ثانية.

بالمقابل، وقف خصوم هذا الحزب الذين لم يحترموا مخرجات الصناديق، ضد تشكيل الحكومة من قبل رئيس الحكومة المكلف حينها، في “بلوكاج” شهير، جرى كشف ملابساته فيما بعد من قبل أحد الذين دعُوا إلى المشاركة فيه. لتنتهي القصة بإعفاء رئيس الحكومة المكلف وتكليف آخر.

مرت السنوات، وخُيّل إليهم أن الحزب الذي كان يقض مضاجعهم يحتضر، وأنه بالكاد يقف على قدم واحدة، لكن حصيلة عمل منتخبيه ووزرائه ورئيس حكومته خيبت آمالهم، وبعثرت أوراقهم، وجعلتهم يجتمعون من جديد لقطع الطريق أمام هذا التنظيم “الوحش” المتجه نحو تصدر الانتخابات لولاية ثالثة، فاتفقوا على تبني تعديلات جديدة في القوانين الانتخابية ما لها مثيل في الاجتهاد الإنساني والكوني، ولا قرين لها. وتحالفوا لتمريرها ضدا على روح الدستور وثوابته، في أهزل مسرحية عرفتها غرف التشريع بهذا الوطن العزيز.

اعتمدوا قاسما انتخابيا على أساس عدد المسجلين في الانتخابات البرلمانية، وحذفوا العتبة في الانتخابات الجماعية، وقالوا إنا اليوم حتما منتصرون.. ليوحى إليهم بعدها أن المعطيات تقول إنه بالرغم من كل ما سبق، فإن حزب العدالة والتنمية سيتلقف في قادم الاستحقاقات كل ما تأفكون.. 

سنة 2016، مُنع حماد القباج منعا مباشرا بقرار إداري، من الترشح باسم حزب العدالة والتنمية.. واليوم يتم منع رئيس جهة ومستشار برلماني ورئيسة مقاطعة ومنتخبين آخرين من الترشح، من خلال اعتماد أسلوب التشطيب عليهم من اللوائح الانتخابية.

لقد جرى التشطيب على شخصيات سياسية منتخبة ومعروفة، ما هم بالمتوفين (أطال الله في عمرهم جميعا) ولا هم بعديمي الأهلية القانونية.. حيث إنه لا حق للسلطة الإدارية في التشطيب على الناس من اللوائح دون تبليغهم، إلا إذا كانوا يتوفرون على قيد مزدوج.. وهو مالا يتوفر في حالات قيادات الحزب الذين تفاجؤوابقرار شطبهم.. أما أن تقوم الإدارة بالتشطيب عليهم بصفة نهائية، فهذا معناه أنها أعطت لنفسها الحق في حرمانهم من حقوقهم الدستورية، وهو ما لا يمكن تفهمه إلا في إطار الشطط في استعمال السلطة.

من جهة أخرى، وجب اليوم على قيادة حزب العدالة والتنمية أن تتخذ موقفا واضحا وحازما إزاء هذا العبث الذي يطال التسجيلات في اللوائح الانتخابية، بالدعوة الصريحة إلى ضرورة أن تعمل الجهات المختصة على تصحيح الاختلالات المسجلة في هذا الباب، مع الحرص على توفير الشروط السياسية والمناخ السياسي، لتشجيع حقيقي للمغاربة على الانخراط في السياسة، واسترجاع ثقة المواطنين في المؤسسات.

ويبقى السؤال العريض مطروحا: 

هل بالتشطيبات من اللوائح الانتخابية، سنوفر الشروط الضرورية لضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة وبنسبة مشاركة محترمة نستطيع بها تعزيز جبهتنا الداخلية، وتمنيع الدولة ومؤسساتها من أي استهداف خارجي؟ وهل بالتشطيب وحرمان الناس من حقوقها الدستورية سنتعزز ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة، وسنقلص من ظاهرة العزوف الانتخابي المحتملة؟!

أكيد ومؤكد.. فإن الجواب هو: لا!

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.