“بنموسى” الذي يجهل أبجديات التواصل السياسي

أثار الخروج الإعلامي الأخير لوزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى، موجة استنكار عارمة من قبل المتتبعين، ففي الوقت الذي ينتظر فيه المغاربة وضوحا في الخطاب وبساطة في التعبير وسلاسة في التواصل لتبرير القرار الأخير للوزير بتسقيف الولوج الى مهنة التعليم في 30 سنة، خرج بنموسى بخطاب صارم وعبارات خشبية مكررة وغير مقنعة ليقنع المغاربة بما لا يمكن الاقتناع به، في تجاهل تام بأبجديات التواصل السياسي التي تقتضي الوضوح في الخطاب واختيار الكلمات البسيطة التي يفهمها عامة الناس وأيضا انتقاء السياق، وكما يُقال “فالسياسة كلام وليس كل الكلام سياسة” فهذا الذي يصدق على الوزير بنموسى.
في هذا السياق، يرى أستاذ العلوم السياسية عبد المالك أحزرير بجامعة مولاي اسماعيل بمكناس، أن التواصل السياسي يكتسي أهمية بالغة بل اعتبره من مصادر المشروعية أكثر من صناديق الاقتراع نفسها، مبينا أن التوفر على ملكة التواصل السياسي تتطلب من رجل السياسة أن يكون لديه تراكم على المستوى التواصلي.
وأكد أستاذ العلوم السياسية في تصريح خص به pjd.ma، أنه في الفقه السياسي التواصل هو أصل كل شيء، بحيث يقتضي اختيار الكلمات واختيار الرهان والسياق للخطاب الموجه الى الجماهير.
وتأسف الأستاذ أحزرير بكون الخطاب الحكومي هو ربما خطاب تقنوقراطي، بحيث لا يخاطب الدولة السياسية وإنما يخاطب الدولة المحاسباتية، انطلاقا من كونه حدد العتبة في 30 سنة، لأنه ربما هناك أزمة في صندوق التقاعد، وتوازنات الصندوق هي عملية حسابية محضة تدخل في المحاسبة وليس في السياسة يقول المتحدث ذاته.
وقال إنه في الوقت الذي تعهدت فيه الحكومة بالرجوع الى الدولة الاجتماعية في تصريحها الحكومي ووعدت بأنها ستحسن من مستويات المواطنين وستقلص من الفوارق الاجتماعية وستعتمد المرونة في القوانين، وستدمج الشباب في الوظيفة العمومية بمرونة قوية، يتبين العكس من خلال خطاب الوزير بنموسى.
وهو خطاب يضيف أستاذ العلوم السياسية، صلب وصارم، وهذه الصرامة يؤكد المتحدث “لا يقبلها المجتمع، لأن رجل السياسة يجب أن يسهل الأمور وأن يبسطها وألا يعقدها”.
واستدرك قائلا “البارحة الوزير أراد أن يتواصل ولكن في اعتقادي عقّد الأمور مما نتج عنها ردود فعل لن تكون في صالح الحكومة التي هي في بدايتها”.
ولذلك يبرز أحزرير، فإن الخطاب الذي اعتمده رئيس الحكومة في بداية التصريح الحكومي الذي أكد فيه على الرجوع الى الدولة الاجتماعية والرفاه الاجتماعي والتوافق بين الدولة المقاولاتية والاجتماعية، يتنافى مع خطاب الوزير، مشددا على أن الخطاب التزام أخلاقي سياسي قبل كل شيء.
واستطرد أن خطاب يوم أمس يدل على “أننا ماضون نحو الدولة المقاولاتية على حساب الدولة الاجتماعية التي ستبقى مجرد خطاب للاستهلاك الذي لم يعطي أكله، والدليل على ذلك هي ردود الفعل التي توالت على إثر خطاب الوزير يوم أمس. لأنه لا يتلاءم مع مبتغى الشرائح الاجتماعية خاصة من الشباب والطبقات المتوسطة”.

ويرى المتحدث ذاته، أن الحكومة ربما تبحث عن الفعالية في إطار توازنات الماكر واقتصادية وغيرها، وفيها المقاولة هي المحدد وهي قطب الرحا في المجال الاقتصادي، مع اغفال المتطلبات الاجتماعية التي هي أساسية والتي ستعطي الأمان والسلام والطمأنينة للمجتمع والتي هي من الشروط الموضوعية لأي استثمار.

وأردف أنه “لا يعقل أننا نبحث عن الاستثمار والمقاولة دون أن يكون البلد آمنا اجتماعيا، لأن الزيادة في الأسعار وتجميد الأجور يسير في السياق “النيوليبرالي”، مضيفا” كنا نأمل خيرا من رئيس الحكومة الاهتمام بما هو اجتماعي فإذا به العكس، فماذا يعني غلاء الأسعار وتجميد الأجور وخلق بعض القوانين غير الدستورية، هذا يعني أننا نحاول أن نبحث عن فعالية التوازنات “الاقتصادية” على حساب التوازنات الاجتماعية”.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.