واقعة الرشيدية.. لنتخيل أن حامل السيف إسلامي؟

المحجوب لال

حَمل طالب متطرف ينتمي للبرنامج المرحلي سيفه على الحاضرين لندوة فكرية يوم السبت الأخير بالكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية، مما اضطر اللجنة المنظمة إلى إيقاف الندوة عقب نصف ساعة من انطلاقها حفاظا على السلامة الجسدية للحاضرين.
هذا الطالب المتطرف ومعه رفاقه الذين صموا الآذان عن السمع والعقول عن الفهم والألسن عن الحوار، انتصروا لقوة البطش والعنف والتهديد بالتصفية الجسدية لكل واقف في طريقهم أو معترض على فاشيتهم، حتى وإن كان الاعتراض محمولا على أكف اللين والاعتدال ومطلب النقاش والتفاهم.
لن نتساءل عن واقعية مبررات هذا السلوك العنيف المدان بكل اللغات ووفق كل المرجعيات، لكن سنتخيل قليلا أن الذي حمل السيف وهدد الطلبة والأساتذة طالب أو فصيل ينطلق من مرجعية إسلامية، كيف سيكون رد الأمن والإعلام ورجال السياسة والفكر على هذا السلوك؟
دافِعُ هذا التخيل أن الواقعة، وإن كانت موثقة بكل الوسائل المتاحة، إلا أن ذلك لم يدفع إلي تَحرِّك الأجهزة الأمنية والنيابة العامة في اتجاه الانتصار لسيادة القانون وعلوه على الأعمال العدائية المهدِدة للحقوق الدستورية للمواطنين.
ودافع التخيل أيضا، أن الفاعل لو كان من تيار أو توجه آخر، لأخذ في حينه ولحظته، وزج به في غيابات الجب، وسط إشادة من عموم المواطنين، وطبعا سنكون من المشيدين باحترام القانون سواء في الاعتقال أو المتابعة أو المحاكمة أو تنفيذ المحكومية إن قضت بذلك المحكمة.
وأبان التناول الإعلامي للواقعة، عن حياد غير مهني، لا يخلو كثيرا من ميل إلى المعتدي، كيف لا يكون هذا ميلا، وقد تم تسويق الأمر على أنه نزاع أو صراع طلابي، والحقيقة خلاف ذلك بل نقيضه شكلا ومضمونا.
كما أن الأقلام التي صدعت الرؤوس بالدفاع عن الحرية والاختلاف لم نسمع لها همسا ولا ركزا، وطبعا صمتها ليس لقلة علم ومعرفة بما حدث، بل لقلة التزام وصدق في ما تدعي وترفع من شعارات ومقولات، ولأن هذه ليست السقطة الأولى في امتحان الواقع فأكيد أنها لن تكون الأخيرة.
ونختم هذا التفاعل بجملة جميلة كتبها فصيل دراج في مؤلَفه السياسة والثقافة، دفاعا عن الحوار والاختلاف بقوله: علما أن الخلاف هو شرط الحوار، وأن التعارض هو قاعدة المساءلة، فغياب الحوار صمتٌ ومواتٌ، وانعدام التعارض عطالة للفكر وتمجيد للأحكام الجاهزة.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.