تجريم الإثراء غير المشروع.. هل ذهب أدراج الرياح؟

بخلاف كل القوانين الموضوعة لدى البرلمان، سارعت حكومة أخنوش إلى سحب تعديلات الحكومة على القانون الجنائي، والتي تتضمن مقتضيات طال انتظارها تتعلق بتجريم الإثراء غير المشروع، بدعوى أن السحب يروم التجويد وتوسيع النقاش وفق ما صرح بذلك الناطق الرسمي باسمها.
غير أن تعقيب وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، يوم الثلاثاء 30 نونبر 2021، خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين، يؤكد أن ما يتعلق بالإثراء غير المشروع “قد” يتضمنه المشروع المنتظر تقديمه من جديد أو لا يتضمنه، الأمر الذي يؤكد مخاوف عموم المواطنين من ذهاب هذه المقتضيات مع أدراج الرياح، وتبعا لذلك إقبار  السؤال الطبيعي الواجب طرحه على مدبري الشأن العام، ممن ظهر عليهم الإثراء غير المشروع: من أين لك هذا؟
ومن أغرب ما دفع به وهبي لتبرير سحب هذه المقتضيات، أن النص قلب علم الإثبات، وبدل أن تأتي الجهة السائلة بالأدلة تطلب من المسؤول تقديم إثباتاته، وأن في هذا نوعا من الانتقائية، والغريب هنا، أن الوزير نسي أن كل إنسان قادر على إثبات مصدر أمواله وممتلكاته ما دامت شرعية، وأن هذا السؤال، لن يُطرح على أي مواطن، بل حصرا على من دبر الشأن العام من موقع انتدابي أو وظيفي، وظهرت عليه علامات الإثراء غير مبرر، وفي هذا السؤال حماية للمال العام وحماية لمهام الانتداب العمومي من التسلط والاستغلال ومراكمة الثروة، وفيه أيضا ربط للمسؤولية بالمحاسبة.
لكن وهبي، وهذا من أدبه!!، قال إن رئيس الحكومة “إن رأى أن يحافظ على الاثراء غير المشروع في القانون الجنائي سأقوم بتنفيذ ما يطلبه مني لأنه رئيس الحكومة”، وهنا نقول له احذفها ولا تخف، فقد سارع رئيسك إلى إنهاء مهمة اللجنة المكلفة بمحاربة الفساد في رئاسة الحكومة في أيامه الأولى!!!  والبدايات عنوان النهايات، فاللهم اجعل خير أعمالنا خواتمها، وأن تجبر النهايات انكسار البدايات!!!

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.