عبد الصمد حيكر
عودة إلى اجتماع لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب بحضور السيد شكيب بنموسى وزير التربية الوطنية يوم الأربعاء فاتح دجنبر 2021، وعدم اتخاذ التدابير من أجل توفير البث المباشر لمناقشة عرض السيد الوزير وردوده.
في سياق التخفيف من قيود العقلنة البرلمانية التي تلجم أدوار البرلمان في مواجهة الحكومة وتحد من أدواره لا سيما على مستوى إثارة مسؤوليتها السياسية، فقد أتى دستور 2011 بعدة مستجدات تهم الأدوار الرقابية للجان البرلمانية مما لا يتسع المقام لبسط تفاصيلها الكثيرة، ومن بين القضايا الهامة التي حسمها المشرع في هذا السياق نجد موضوع “الطابع السري لأشغال اللجان البرلمانية” حيث نص الدستور في فصله الثامن والستين (الفقرة الثالثة) على ان “جلسات لجان البرلمان سرية، ويحدد النظام الداخلي لمجلسي البرلمان الحالات والضوابط التي يمكن أن تنعقد فيها اللجان بصفة علنية”
وبالرجوع إلى النظام الداخلي لمجلس النواب نجده قد حدد هذه الضوابط في مادته 96 حيث نص على ما يلي:” اجتماعات لجان المجلس سرية. ويمكنها عقد اجتماعات علنية إما بطلب من رئيس المجلس أو من الحكومة أو من مكتب اللجنة أو من ثلث أعضائها.
يمكن أن تنعقد الاجتماعات بصفة علنية في الحالات التالية:
– موضوع طارئ وعاجل يقتضي إلقاء الضوء عليه؛
– نص تشريعي يهم شريحة واسعة من المواطنين والملزمين؛
– موضوع رقابي يستأثر باهتمام الرأي العام الوطني.
يدلي رئيس اللجنة عقب الجلسة، كلما تدعو الضرورة إلى ذلك، بتصريح لوسائل الإعلام.
وفي حالة عقد جلسات اللجنة بصفة علنية يحرص رئيس اللجنة على ضبط الحضور”.
ومن ناحية أخرى، وفي إطار حالة الطوارئ، وفي إطار إلزام مكتب المجلس بحزمة من التدابير الاحترازية التي أدت إلى تقليص حضور البرلمانيين للمشاركة في مختلف أوجه النشاط البرلماني، طور مجلس النواب إمكانية عقد اجتماعات مختلف أجهزة المجلس عن بُعد، كما كرس تقليدا متواترا يتمثل في تمكين كل من أراد من المواطنات والمواطنين وكذا المهتمين من متابعة أشغال البر لمان، بما فيها اجتماعات اللجان البرلمانية. وكنا ننتظر أن يتم استصحاب نفس التقليد في الاجتماع الهام الذي عقدته لجنة التعليم والثقافة والاتصال الأربعاء الماضي بحضور السيد وزير التربية الوطنية، لمدارسة تداعيات القرارات المعلنة فيما يتعلق بشروط اجتياز مباراة التعليم، وهو الموضوع الذي خلق ردود فعل سلبية وأدى إلى احتجاجات متتالية ومتزايدة منذ الإعلان عنه، نظرا لما اتسم به القرار من سمة المفاجأة والغموض…، ونظرا لان خروج السيد الوزير في لقاء تلفزي مع القناة الثانية لم يف بالغرض، وفي الوقت الذي كان الجميع ينتظر هذه الفرصة لكي يستدرك السيد الوزير ويأتي بعرض واضح ومقنع، كما ينتظر وجهات نظر مختلف المكونات السياسية لمجلس النواب، فإذا بنا نفاجأ بالرغم أن مكتب اللجنة قد أقر بالنية الاجتماع طبقا للمادة 96 من النظام الداخلي المشار إليها، بأن أشغال اللجنة المذكورة لم يكتب لها النقل المباشر على القناة البرلمانية المحدثة. المستعمل لأجل هذا الغرض. بل فوجئنا بأن كلمة السيد الوزير قد تم نقلها بشكل مباشر على بعض الصفحات في مواقع التواصل الاجتماعي، في حين توقف كل شيء عندما جاء دور البرلمانيين في تناول الكلمة.
وقد فوجئنا بأجوبة متباينة، حينما نبهنا إلى الأمر في بداية الاجتماع وطالبنا بأن يتم تدارك الأمر فيما تبقى من أطوار الاجتماع، إلا أنه عمليا لم تتم الاستجابة لهذا الطلب، كما أن السيد رئيس اللجنة أعلن أنه قد تم اخبار رئاسة المجلس، وقد تدخل أحدهم ليقول لنا بأن مكتب المجلس قد قرر عدم إضفاء العلنية على أشغال هذا الاجتماع وبالتالي لايمكن البث المباشر.
وهنا دخلنا في متاهة، فمن جهة مكتب المجلس ليس مخولا بالتقرير في موضوع علنية اجتماع اللجنة من عدمه، سيما أن مكتب اللجنة قد مارس صلاحيته وقرر علنية الاجتماع بل وراسل رئاسة المجلس – حسب إفادة السيد رئيس اللجنة- بل ولم يتلق أي رد، ومن جهة ثانية هناك من ينفي كون مكتب المجلس قد تطرق لهذا الموضوع أو قرر بشأنه…
وهنا نتساءل من كان وراء حرمان المغاربة وكافة المهتمين من متابعة هذا النقاش العمومي ذي الأهمية الخاصة؟! وما هي مصلحته في هذا التضييق؟
وما رأي الاغلبية في الأمر؟!!
ومماذا كان التخوف؟ وماهي المعطيات التي تكتسي صبغة سرية تحول دون إمكانية توفير النقل المباشر لتتبع نقاش حول موضوع هام بسببه اندلع احتقان اجتماعي متزايد؟!أرجو ممن كانت لديه معطيات أن يفيدنا بها.
والا فإن الأمر مادام تتبناه الحكومة وتدافع عنه الأغلبية البرلمانية وتسانده وهي “تتمتع” بأغلبية واسعة، نقول إن تكميم الافواه لايمكن إلا أن يسيء إليها ويكشف زيف الديمقراطية لديها…فقد جاء في الأثر” الإثم ماحاك في نفسك وخشيت أن يطلع عليه الناس”.
وفي الختام نذكر بأن تكميم الأفواه في ظل ثورة مواقع التواصل الاجتماعي لا يعدو كونه مغامرة تكشف اهتزاز وارتباك الحكومة وعجزها عن الدفاع عن قراراتها.