حوار.. بيبوط يكشف توقعاته بخصوص جلسة مجلس الأمن حول ملف الصحراء

أكد دداي بيبوط، الباحث الأكاديمي والفاعل السياسي بجهة العيون الساقية الحمراء، أن الجزائر ستستمر في التغريد خارج السرب بخصوص قضية الصحراء، وذلك لاعتبارات داخلية، مشيرا إلى أنها تعيش عزلة دولية فيما يخص موقفها من وحدة المغرب الترابية.
وتوقف بيبوط في حوار مع pjd.ma عند توقعاته بخصوص جلسة مجلس الأمن المزمع عقدها يوم 20 أبريل، والتي ستناقش ملف الصحراء المغربية، وكذا قراءته لمآل مطلب تقرير المصير الذي تسجن نفسها فيه الجبهة الانفصالية.
وهذا نص الحوار كاملا:

أولا: ما توقعاتكم بخصوص موقف الجزائر من قضية الصحراء في ظل ما تعرفه من تحولات لصالح المغرب؟
ج: اتوقع أن تستمر الجزائر في التغريد خارج السرب لأنها تستثمر في القضية داخليا مع شعبها ولأن التطورات الجديدة في الملف خاصة بعد التحاق اسبانيا بالولايات المتحدة الأمريكية في اعتبار الحكم الذاتي الحل الأمثل لهذا النزاع المفتعل، فمعلوم أن الصراع مع الجزائر موروث من المرحلة “البومدينية”  في إطار صراعات النظام العربي ما بعد الانقلابات العسكرية الناصرية والبعثية لتزيد قضية الصحراء من تعقيد الوضع، فرغم أن الجزائر لا علاقة لها بالوضع في الصحراء المغربية منذ أن كانت مستعمرة إسبانية إلا أنها أصبحت البلد المناوئ الأول للحقوق المغربية في الإقليم ما بعد اتفاقية مدريد ونجاح المسيرة الخضراء، مضيفة لجذور الصراع السابقة مطامع جيوستراتيجية تتمثل في الرغبة الحقيقية في السيطرة على الإقليم والوصول لمياه الأطلسي مستغلة التقارب الاجتماعي والإثني لبعض قبائلها مع ساكنة إقليم الصحراء وهو ما بدا واضحا في احتضان المخيمات وملئها بسكان جزائريين لا علاقة لهم بالإقليم، والحرص علي التحكم بها وريادة القيادات ذات الأصول الجزائرية على القرار الصحراوي، وغير ذلك من الجهود التي تسير بالمنظمة الصحراوية إلى أن تصبح جزائرية تماما تبتعد كل الابتعاد عن مصالح الصحراويين في العيش الكريم والعودة لديارهم وذويهم في دولتهم ودولة آبائهم وأجدادهم التاريخية المملكة المغربية.
إضافة إلى كل ما سبق، أتوقع مزيدا من العزلة للجزائر في المحافل الدولية فهي تعاني من ضمور واضح على المستوي الإقليمي والقاري وحضور باهت علي المستوي الدولي.

ثانيا: أي أثر للقرار الإسباني على جلسة مجلس الأمن وعلى مواقف الدول الكبرى في الفترة المقبلة؟
ج: أتوقع أن يلعب القرار الإسباني الجديد دورا مهما في التأكيد علي عدالة قضيتنا الوطنية، فإسبانيا هي الدولة المستعمرة التي تعرف كل ثنايا الإقليم من تاريخ ومجتمع وتضاريس وعمق الارتباط بالوطن الأم المغرب وغير ذلك، كما أنها الدولة المسؤولة عن تدويل مشكل الصحراء ارتباطا بأطماعها الإمبريالية، فهي التي استعمرته تحت ذريعة الأرض الخلاء منذ ثمانينيات القرن 19 وانتقلت به إلى استراتيجية جديدة بعد تنامي المطالب المغربية في المحافل الدولية مع بداية الستينيات، لخلق إدارة محلية ترتبط بنظام مدريد  لاحقا، وخلقت في سبيل ذلك الجماعة الصحراوية وأسست حزب البونس “PUNS”، وبدأت في الإحصاء لتحقيق أهدافها، لكن كل ذلك فشل فشلا ذريعا ليسدل الستار على وجودها الإداري والعسكري بالإقليم بعد انطلاق المسيرة الخضراء المظفرة، إسبانيا هي  إحدى الدول الخمس المسماة أصدقاء  الصحراء الغربية إلى جانب بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، وموقفها إلى جانب الولايات المتحدة سيؤثر في باقي دول المجموعة، ولذلك أتوقع أن تخرج إحدى هذه الدول ودول أخرى بموقف يعزز الموقف الإسباني وقد يتبناه بالجملة خلال مداولات مجلس الأمن في 20 أبريل الجاري.

ثالثا: أمام التحولات التي تشهدها قضية الصحراء، هل ما يزال بالإمكان الحديث عن خيار الاستفتاء كما تدعو لذلك الجزائر والجبهة الانفصالية؟
ج: خيار الاستفتاء مات منذ مرحلة ما بعد تحديد الهوية، لأن اللوائح التي أصدرتها المنظمة الأممية للتصويت أقصت عشرات الآلاف من الصحراويين المغاربة الذين نزحوا من الإقليم خلال حروب ومعارك جيش التحرير نهاية الخمسينات وما قبلها، وتقدموا أمام أنظار البعثة باستماراتهم المعززة بالدلائل التاريخية والموضوعية لانتمائهم للإقليم، فتم رفضهم أ قبول أحد افراد الأسرة دون بقيتها، وأتوقع أن تنهار فكرة الاستفتاء بتوالي اعتراف الدول برجاحة خطة الحكم الذاتي كحل وحيد للقضية.
فالشعوب والدول لا تصنع بالمسطرة والقلم والمحاصصات المكيفة ذات المدد الزمنية القصيرة، وإنما بالانتماء التاريخي الضارب في القدم، والصحراء على مدار تاريخها كانت مغربية وظلت كذلك، فقد حكمت أيام الاستعمار الإسباني بإدارة خليفية من تطوان، حيث كان المندوب السامي الإسباني إلي جانب إدارة شريفية تعني بالأمور الشرعية والدينية والأهلية، ولما حلت مرحلة تصفية الاستعمار أيام الخمسينيات في العالم الثالث حجت قبائلها للقصر الملكي طلبا للتحرير من ربقة الاستعمار، فكانت انطلاقة جيش التحرير في هذه الربوع.
لقد ثبت لكل متتبع اليوم أن القضية مفتعلة وسياسوية بامتياز، فخيار الاستفتاء عارضه المغرب وجبهة البوليساريو لحظة تبنيه من قبل إسبانيا منتصف السبعينيات قبل خروجها، ولما تأكد خروجها بعد المسيرة الخضراء بدأت الجبهة والجزائر في قبوله بكل شروطه السابقة بما في ذلك الإحصاء وغيره لأنه خطة مصممة خصيصا للانفصال، ليبقي المغرب وفيا لعدالة قضيته، فالاستفتاء لا يمكن أن يُقبل إلا إذا احترم إيواليات منها قداسة سيادة الدول وحدودها ووحدة أراضيها، التي هي أمور لا تتجزأ.
كما أتوقع أن لا يحظى ملف الصحراء بأولوية في جلسة مجلس الأمن المقبلة، وذلك بالنظر إلى الظروف الدولية المستجدة، خاصة الحرب بين روسيا وأوكرانيا، والاصطفاف الدولي الحاد في هذه القضية، لكنني أتوقع أن يعزز الموقف الاسباني الأخير من قضية الصحراء بمواقف دول أخري.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.