المحجوب لال يكتب: “فرصة” و”همزة” و”مؤثرون”

المحجوب لال

من عجائب القدر، أن حكومة شتنبر، حين أرادت إطلاق اسم على برنامج مواكبة المقاولات وتشغيل الشباب، لم تجد من اسم سوى “فرصة”، ولنا حق الترجمة لعامة الناس، فالفرصة تعني باللهجة الدارجة “همزة”، وطبعا للأخيرة، في التعامل مع المال العام معاني عدة، أكثرها سلبي بلا شك.
وتبين أنها فعلا “همزة”، حيث أعلِن عن تخصيص 2.3 مليار سنتيم للإشهار و”المؤثرين” الفيسبوكيين، لأجل التعريف بالفرصة، وتزيينها أمام الناظرين، خاصة وأن صفحات تقرير مجلس الحسابات حبلى بأحكام ثقيلة في حق الشركة المكلفة بقيادة البرنامج والمشروع، فضلا عن الضجة التي أحدثها رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، بتحويل المشروع من وزارة الشغل، بوصفها القطاع الحكومي المكلف بمجال الشغل إلى وزارة السياحة!! وطبعا لن نجد من مبرر سوى أن السيدة الوزيرة هي من حزب رئيس الحكومة، وأن وزير الشغل هو من حزب “التراكتور”، ولأن الوزير قد نال “فرصة” الإشراف على برنامج “أوراش”، فمن باب اقتسام “الوزيعة” و”الهمزة”، سيكون برنامج “فرصة” من حظ وزيرة السياحة!!
عجائب الحكومة في السياسة لا تنقضي، وفي هذا الملف وحده حدِّث ولا حرج، ولعل الاستعانة بالمؤثرين “الافتراضيين” يسائل الحكومة فعلا، هلا فعلا لها كفاءات حكومية وحزبية وسياسية قادرة على التواصل مع المواطنين، بلغتهم وبكلام يفهمونه، لإخبارهم بالبرنامج ووضعهم في المشهد والتفاعل مع الملاحظات والرد على الانتقادات، أم أنّ الحكومة، التي تصف نفسها زورا وكذبا بحكومة “الكفاءات” تفتقد مقدرة هذا المطلب التواصلي والتفاعلي؟
ولا أظن أن الجواب خاف، ذلك أن الحزب الذي يقود الحكومة، ورئيسه “الأزرق” نسبة للون الحزب، وبالدارجة “الأزركَ” نسبة لكفاءته التواصلية الفارغة وما يتسم به من ضعف في الكاريزما والزعامة السياسية، استعان بشركات تنمية ذاتية وتواصل لأجل محاولة مخاطبة الناس وممارسة التدليس الذي وقع إبان الاستعداد لانتخابات شتنبر الماضي.
وحُق للسيدة الوزيرة أن تجعل من رئيسها في الحزب والحكومة مثالا يحتذى، فسارعت هي الأخرى للاستعانة بآخرين وخاصة من المشتغلين/الناشطين في وسائل التواصل الاجتماعي لأجل التعريف بهذا البرنامج، الذي قيل إن 10 آلاف شاب سيستفيد منه، وخُصصت له ميزانية مليارية.
ولنا أن نتساءل هنا: لماذا لم تكلف الوزيرة نفسها واجب/عناء مخاطبة عموم المواطنين في هذا الموضوع بكل وضوح وبشكل مباشر، عبر وسائل الإعلام العمومي، ونهمس في أذنها صادقين: إنّ كلمات قليلة واضحة وصادقة عن أهداف البرنامج وغاياته، تكفي لإيصال الفكرة إلى ملايين المغاربة، دونما حاجة إلى مؤثرين، فالصدق والنزاهة والوضوح واحترام ذكاء الشعب لهي أكبر “مؤثر”، حالا ومستقبلا.
ختاما، إن كان حزب الوزيرة ورئيسها في الحكومة قد جعل من “تستاهل أحسن” شعاره الانتخابي في الاستحقاقات الماضية، فأكيد أن الأيام والأشهر التي تلت تلك الانتخابات، قد أبانت بكل وضوح، أن الذي يستاهل أحسن هو الشعب المغربي، الذي يستحق وزراء ومسؤولين ومنتخبين يحترمونه ويحترمون أفكاره وفطنته وينصتون له ويعيشون آلامه قبل أن يشاركوه آماله وأحلامه.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.