الغماز يكتب: خرجة ابن كيران سيكون لها ما بعدها

سعيد الغماز

     حزب يحتل الرتبة الثامنة ولا يتوفر على فريق برلماني، لكنه في المقابل يحتل الرتبة الأولى في اهتمام وسائل الإعلام ويتصدر المشهد السياسي بمعارضته واقتراحاته وخرجات أمينه العام. ذاك هو الواقع الجديد لحزب العدالة والتنمية بعد انتخابات 8 شتنبر. واقع يجعلنا نطرح أكثر من علامة استفهام حول هذه الانتخابات، وإذا أضفنا الارتباك الأخير للسيد رئيس الحكومة في رده على مداخلة البرلماني بوانو، فإن دائرة علامات الاستفهام تتسع أكثر.

     بمجموعة نيابية قليلة استطاع الحزب أن يؤثر بشكل كبير في الجلسة العمومية للأسئلة الشهرية يوم الإثنين الماضي، وجعل السيد رئيس الحكومة يعيش ارتباكا كبيرا كان السبب وراء تصريحات لا تليق برئيس حكومة وتُضر بمصالح البلاد الخارجية. لم يكترث السيد رئيس الحكومة لمعارضة الأحزاب التي تتوفر على فرق برلمانية، وتوجه اهتمامه، لأسباب هو وحده يعرفها، إلى مداخلة حزب العدالة والتنمية للرد على كلمة السيد بوانو رغم أنها لم تتجاوز دقائق معدودات، قياسا لباقي تدخلات فرق المعارضة. ربما اهتمام السيد أخنوش بمداخلة بوانو للرد عليها يكمن في عرضها للحقيقة كما هي بالوقائع والأرقام، وتمس موضوعا يزعج السيد أخنوش بشكل كبير. هذا الشعور بالإزعاج جعله يخرج عن سياق اللباقة والمسؤولية كرئيس للحكومة، ويقوم بسقطة غير مسؤولة بالحديث عن السيد بنكيران وعن فترة ترؤسه للحكومة وكأنها فترة تُحرجه كثيرا نظرا للتخبط الذي تعرفه قطاعات وزارية كان آخرها الاستعانة بالمؤثرين للترويج لبرنامج فرصة.

     بعد أن تولى السيد بنكيران أمانة حزب المصباح، كان تركيزه منصبا بالأساس على الوضع الداخلي للحزب، ولم يكن متحمسا لممارسة المعارضة دون إعطاء المهلة الكافية للسيد رئيس الحكومة الجديد لإبراز قدرته على الرئاسة وعلى إنتاج فعل حكومي يتفوق على الحكومة السابقة كما كان يُرَوِّج في حملته الانتخابية. هذا الأمر جعل بعض وسائل الإعلام تتحدث عن دعم السيد بنكيران لحكومة السيد أخنوش. لكن تجاوز هذا الأخير لأسلوب اللياقة جعله يقع في سقطة سياسية وأخلاقية بالحديث عن رئاسة السيد بنكيران للحكومة وجعلها سبب جميع مشاكل البلاد. وهو ما جعله يبدو ضعيفا ولا يملك حلولا لمشاكل المغاربة. فجاءت خرجة السيد بنكيران التي أوضحت الكثير من الأمور واستعرضت الكثير من الحقائق، وهو الأمر الذي سيزيد من ارتباك السيد رئيس الحكومة ويضعه في موضع لا يُحسد عليه.

الارتباك الذي ستتعرض له حكومة السيد أخنوش بسبب الخرجة الأخيرة لأمين عام حزب المصباح، بدأت تظهر ملامحه في وسائل الإعلام التابعة له والتي قادت حملته الانتخابية. ففي الوقت الذي تناول فيه الإعلام الحر الملتزم بالرسالة الإعلامية النبيلة، كلمة السيد بنكيران بموضوعية ودون تحريف، نجد وسائل إعلام رئيس الحكومة تعاني من ارتباك كبير في التعاطي مع الكلمة الأخيرة للسيد بنكيران. فلا هي استطاعت تجاهل كلمته وهي التي تُرَوِّج إلى أن حزبه أصبح ضعيفا ودون تأثير، ولا هي عرفت كيف ترد على ما جاء في هذه الكلمة من مواقف قوية وواضحة ومقنعة. تجليات هذا الارتباك يبدو جليا في محاولة هذه المنابر تزييف كلمة السيد بنكيران، بل الأكثر من ذلك تحريف أقوال الرجل لتبرير إخفاقات الحكومة الحالية. وفي مشهد غريب يعكس الورطة التي وضع السيد أخنوش نفسه فيها، استعملت هذه الوسائل الإعلامية بعض فقرات خطاب السيد بنكيران وتوطيفها ليبدو أنه يدافع عن حكومة أخنوش. نسرد في هذا السياق عنواوين من قبيل “بنكيران: الناس والملك اختاروا عزيز أخنوش لحل المشاكل في المغرب”…”بنكيران يبرئ أخنوش من ارتفاع أسعار المحروقات” والمقال وضع رابط مداخلة عزيز أخنوش في البرلمان، ولم يجرُؤ وضع رابط كلمة السيد بنكيران لكي لا يتم فضح هذا التضليل الإعلامي. وكأن حال هذه المنابر الإعلامية يقول “تلات الوقت بأخنوش حتى ولا محتاج لبنكيران يدافع عليه أمام المغاربة”.

في حين نجد الإعلام الملتزم برسالته الإعلامية يكتب عناوين من قبيل “بن كيران يدعو أخنوش للتبرع من ثروته لفائدة المغاربة في هذا الوقت العصيب” .. “بنكيران يتهم لأول مرة أخنوش بالاتفاق مع الشركات لزيادة الأرباح بعد تحرير أسعار المحروقات” .. “بنكيران: فخور بتحرير المحروقات..وكنتُ أنوي دعم الأسر بما بين 500 و800 درهم”.

     ارتباك وسائل إعلام الحزب الحاكم في الساعات الأولى على خرجة بنكيران ما هو إلا الشجرة التي تخفي الغابة. والأكيد أن خرجة الأستاذ بنكيران سيكون لها ما بعدها. فإما ستكون الحكومة قادرة على الخروج للرد على ما جاء في كلمة بنكيران، وإما ستظهر في موقع الضعيف الغير قادر على تحمل المسؤولية الحكومية، وهو ما سيطرح تساؤلات حول قدرتها على إتمام ولايتها، الأمر الذي سيعيد فتح ملف انتخابات 8 شتنبر.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.