بيتاس بطلا للغة الخشب!!

محمد عصام

ما يزال الناطق الرسمي باسم الحكومة مصرا على إدمان عادته القديمة في اللاتواصل.. أو في الكلام من أجل الكلام.. ذلك الكلام الذي لا يفيد شيئا.. والذي يصير مع تكراره عبثا تُنزه أفعال العقلاء عن إتيانه واقترافه !!
إلا أن ناطقنا الرسمي له رأي آخر.. يشبه فيه جحا حين سُئل عن عمره وقال أربعين سنة، وبعد مضي سنوات سُئل نفس السؤال، وأجاب بنفس الجواب، فلما ُشنع عليه في الأمر، أجاب”إن الرجل هم من يبقى على كلمته”!!
فرغم أن الضعف التواصلي للحكومة لم يعد سرا، بل أصبح التحالف المشكل للأغلبية الحكومية يعترف بذلك ويدعو إلى تدارك ذلك وتحسين الأداء التواصلي، إلا أن الطبع كما يقال يغلب التطبع!!
أمس الخميس سُئل الناطق الرسمي عن موقف الحكومة من اغتيال الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، وعوض أن يجيب بما يفيد موقفا معينا، تهرب كعادته وأجاب بأن وزارة الخارجية تتابع معطيات الحادث ..ثم تولى مدبرا ولم يعقب!!
فأي جنس من أجناس التواصل هذا الذي يقترفه الناطق الرسمي ويوغل فيه إلى درجة تبعث على الغثيان؟
إنه اللاتواصل “حال عينيه” والاحتقار الكامل الأوصاف للصحافة ولدورها وشراكتها للمدبر العمومي، وهو أيضا استخفاف بالموقع أو بالأصح عدم إدراك لجسامة المسؤولية،  وعيب جلل في التقدير وقراءة الأثر على صورة البلد بمثل هذه الأجوبة التي لا تشبه الأجوبة في شيء!!!
فما الذي يمنع الناطق الرسمي من مجرد الترحم على شهيدة الواجب المهني على أقل تقدير؟
ثم لماذا كل هذا الخوف والجبن من مجرد إبداء موقف ينحاز إلى ما يعلنه المغاربة قاطبة بكل ألوانهم السياسية وانتماءاتهم الطبقية من تضامن مع الشهيدة وإدانة للجريمة النكراء التي اقترفتها قوى الغصب والاحتلال؟
إن هذا الجبن في مثل هذه المواقف، هو الذي يوضح الفرق بين  السياسي الحقيقي الذي يعتبر إبداء الموقف في مثل هذه القضايا جزء من الواجب الذي لا مناص منه ولا محيد عنه، وبين من يدخل السياسة بمنطق المناولة الوظيفية وبمنطق المقاولة، وهو منطق يوغل في حسابات الربح والخسارة، وفي مثل هذه المواقف يستلذ المقولة التي تقول “وكم حاجة قضيناها بتركها”!!!!
المغاربة يريدون سياسيين يشبهونهم وينحازون لهم بلا حسابات معقدة، ويريدون في مثل هذه الظروف من يكون لسانا لهم، ينطق بلغة مبينة غير متلكئة ولا مترددة بما يعتصرهم من ألم وما يخالجهم من أمل. 
لكن ما سمي بحكومة الكفاءات من رئيسها ومرورا بناطقها الرسمي بعيدون جميعهم عن ملء هذا الموقع، والأيام تثبت ذلك يوما بعد آخر، وهذا على كل حال ليس بغريب على حزب لم نسمع له قط ركزا في موضوع القضية الفلسطينية، ولا تُذكر له أدبيات في هذا الموضوع ولا حضور في الفعاليات التي ينظمها الشعب المغربي تضامنا مع قضية فلسطين، فهو حزب خلق أساسا للسلطة، ومثل هذه القضايا ليست على جدول أعماله مطلقا.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.