حتى لا ننسى.. “قصة إصلاح صندوق المقاصة”من خلال مداخلات رئيس الحكومة الأسبق ابن كيران (1)

أعادت موجة الغلاء والارتفاع القياسي لأثمنة المحروقات، النقاش حول إصلاح صندوق المقاصة إلى الواجهة، فبعد تصريح رئيس الحكومة عزيز أخنوش في إطار البوليميك السياسي  بمجلس النواب، أن لا مشكل لديه في العودة إلى نظام الدعم، عاد في نفس الجلسة لينقض نفسه بنفسه ويقول أن الرجوع إلى نظام الدعم سيحدث ثقبا في ميزانية الدولة، وهو ما يكشف عن غياب رؤية واضحة لدى هذه الحكومة وأن لازمة الارتباك أصبحت معطى بنيويا في التدبير الحكومي. 

وبعد ذلك كشف وزير الميزانية فوزي لقجع في جلسة برلمانية قبل أيام أن العودة الى نظام الدعم سيكلف أزيد من 70 مليار درهم، وسيهدد الاستثمارات العمومية بالتوقف، كما أنه سيمنع الاستمرار في السياسات الاجتماعية التي تم إطلاقها في بلادنا. 

هذه المعطيات تكشف بالملموس صواب الإجراء الذي اتخذته الحكومة على عهد الأستاذ عبد الإله ابن كيران من إلغاء دعم المحروقات وتحرير “عنق” الدولة من الخناق الذي تفرضه كلفة ذلك الدعم على الميزانية العمومية، والتي تجاوزت سنة 2012 عتبة 56 مليار درهم، في الوقت التي كانت الحكومة تلجأ الى الاقتراض لأداء أجور الموظفين،  وسمح ذلك بتوسيع حجم الاستثمارات العمومية وفي إنتاج سياسات اجتماعية غير مسبوقة. 

ولربط الماضي بالحاضر، ولبيان كشف المغالطات التي يقترفها البعض في هذا الموضوع بوعي أو بدونه، في إطار مزايدات سياسية فارغة، لا تخدم الوطن ولا تجلب نفعا للمواطنين، سنعمل في موقع PJD ma  على نشر مداخلات ابن كيران سواء في البرلمان أو خارجه، وكذلك مداخلات الدكتور سعد الدين العثماني في الموضوع. 

وسنبدأ هذه السلسلة بنشر مقتطف من مداخلة الأستاذ الإله ابن كيران بالجلسة الشهرية بمجلس النواب يوم 11 نونبر2014 ، مع ملاحظة أن حديث ابن كيران كان في سياق اعتماد نظام المقايسة الذي كان بمثابة التمهيد الضروري لقرار رفع الدعم عن المحروقات، ومما جاء في المداخلة: 

  • لقد بلغت نفقات صندوق المقاصة برسم 2012 ما يناهز 57 مليار درهم، مما تسبب في تفاقم عجز الميزانية ليبلغ 7,3% من الناتج الداخلي الخام واضطررنا آنذاك من أجل تدارك هذا الوضع المقلق إلى الزيادة في أسعار المحروقات في يونيو 2012 وإلى وقف تنفيذ 15 مليار درهم من ميزانية الاستثمار سنة 2013، وكنا أمام خيارين: 
  •  إما أن تستمر الحكومة في تحمل ارتفاع وتقلبات السوق الدولية ودعم مواد لا تستفيد منها بالأساس الفئات الفقيرة، مع ما يستتبع ذلك من تعميق عجز الميزانية ومستوى المديونية ورهن مستقبل المغرب وتعريض توازناته المالية الكبرى للخطر والإضرار بنموذجه التنموي التضامني وفقدان مصداقية بلادنا لدى الشركاء الاقتصاديين الأساسيين ولدى المستثمرين، خاصة وأنه كنا أما وضعية يصعب معها توقع حدود تطور نفقات هذا النظام في ظل سوق دولية متقلبة. 
  • وإما أن تتخذ الحكومة القرار الجريء القاضي بالبدء الفوري في إصلاح نظام المقاصة، رغم حساسية هذا الموضوع.
  •  وبالفعل، فقد غلبت الحكومة المصلحة العليا للبلاد، ووضعت في حسبانها، ليس فقط الحفاظ وحماية القدرة الشرائية للفئات الفقيرة، بل أكثر من ذلك وهو السعي إلى أن تستفيد الفئات الهشة وبطريقة مستهدفة من هذا الإصلاح. وكما تعلمون فقد برزت على المستوى الإجرائي إشكالية طرق وآليات الاستهداف المباشر للفئات التي تستحق هذا الدعم، حيث تطرح صعوبات عملية وتحتاج بعض الوقت لضبطها.
  •  وأمام تفاقم وضعية هذا الصندوق، ومعه مؤشرات المالية والمديونية العمومية، واستعجالية بدء الإصلاح، لجأت الحكومة إلى الإصلاح التدريجي لنظام المقاصة، حيث تمت، كما تعلمون، في مرحلة أولى، الزيادة في أسعار المحروقات في يونيو 2012 ومواكبة هذا الإجراء بحماية المواطن من مخاطر ارتفاع سعر البترول ما فوق 120 دولارا.
  • وحتى مع اتخاذ هذه الإجراءات، فإن نفقات صندوق المقاصة بقيت سنة 2013 في حدود 46 مليار درهم، وهو مبلغ مرتفع جدا مقارنة مع القدرات المالية العمومية. وللمقارنة فإن مثل هذا المبلغ تقريبا هو الذي يخصص لقطاع حيوي كقطاع التربية والتكوين.
  • ذلك، تم اعتماد نظام المقايسة ابتداء من منتصف شهر شتنبر 2013، من أجل التحكم في نفقات دعم بعض المواد النفطية في حدود الاعتمادات المرصودة لها في الميزانية العامة لتفادي تفاقم العجز المالي والتحكم في المديونية، مع مواصلة الدعم للقدرة الشرائية للمواطنين عبر مجموعة من الإجراءات، وهو ما سيكون موضوع المحور الثاني من الجواب”
شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.