الساعة الإضافية والارتباك الحكومي!!

محمد عصام

يبدو أن الارتباك أصبح ملازما بنيويا لهذه الحكومة، فبعد أن فتح الناطق الرسمي الأمل في إمكانية حذف الساعة الإضافية والرجوع إلى توقيت غرينتش، وذلك بتصريحه في ندوة صحفية عقب مجلس للحكومة بأن هذه الأخيرة تناقش هذا الموضوع في إطار ما أسماه مقاربة شمولية، وأنه في حال وجود إمكانية سيتم المضي في هذا الاتجاه، قاصدا حذف الساعة كما جاء في سؤال أحد الصحفيين. 
لكن وزيرة إصلاح الإدارة أمس بمجلس المستشارين كان لها رأي آخر، وقطعت الشك باليقين وأوصدت الباب نهائيا في هذا الموضوع، وسردت المبررات التي عادة ما يتم اللجوء إليها لتبرير إضافة تلك الساعة. 
وبغض النظر عن مضمون تلك الدفوعات، الذي يهمنا هو الارتباك البين والتناقض  الحاصل بين وزير وآخر، والأكبر من ذلك هذا الاستسهال في إطلاق الوعود والتبشير بها بشكل ملفت، فما الذي يدفع الناطق الرسمي إذا لم يكن متأكدا إلى فتح باب الأمل في مثل هذا الموضوع، فوظيفته كناطق رسمي تقتضي الإجابة عن ما يملك عليه معطيات دقيقة، وإلا فما عليه إلا الاعتذار عن الجواب ريثما يستكمل المعطيات، ورحم الله علماءنا الأفذاذ حين قالوا: لا أدري نصف العلم. 
وليست هذه المرة التي يطلق فيها الناطق الرسمي العنان للسانه كي يبشر بأشياء لم ير منها المغاربة غير السراب، فقد سبق له في موضوع أساتذة التقاعد أن قال بأن هناك حلولا مبتكرة في هذا الملف سيتم الإعلان عنها قريبا، ولكن إلى حدود الساعة لم نر لا حلول مبتكرة ولا حلول كلاسيكية، وما زال الملف يراوح مكانه، بل إن وزير الميزانية الذي يتقاسم معه الانتماء لنفس الحزب، كان حاسما وواضحا في نفي إمكانية الإدماج في الوظيفة العمومية، وذلك إبان مناقشة قانون المالية بمجلس النواب. 
هذا التناقض بين الوزراء يكشف حقيقة الوهم الذي ُسوق له قبل الانتخابات حول الكفاءات، وأيضا أبرز أن بعض الوزراء لا يملكون إلا ألسنتهم الطويلة التي ينثرون بها الوعود بلا حساب ولا رقيب، وهناك وزراء  على قلتهم “يحسبون” كلامهم ويتحسسون مواقع أرجلهم, وهو الأمر الذي وقع مع رئيس الحكومة نفسه حين انساق مع البوليميك في الجلسة الشهرية بمجلس النواب حين قال بأن لا مشكلة لديه في إرجاع دعم المحروقات إلى صندوق المقاصة، لكن ومرة أخرى وزير الميزانية وفي تدخل بالبرلمان قطع الشك باليقين، وقال باستحالة العودة على النظام السابق لأنه يتطلب توفير أزيد من 74 مليار درهم، وأن ذلك يهدد بتوقيف الاستثمار العمومي والسياسات الاجتماعية التي انخرطت فيها الدولة.
فهل نحن بصدد حكومتين في حكومة واحدة، أم أن ضعف بعض الوزراء كان يستلزم تدخلا لرد الأمور إلى نصابها؟ 
هذا ما ستكشف عنه الأيام المقبلة، وإنا كنا لا ننتظر في كلتا الحالتين الشيء الكثير من هذه الحكومة!!

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.