صدقي يكتب: الحكومة تفقد الانتاج الذاتي للكهرباء معناه الحقيقي 

احمد صدقي

إن خيار الانتاج الذاتي الشعبي للطاقة ( الانتاج الذاتي) ،كان حلما قديما بالنسبة لي وقد نقلته الى البرلمان ودافعت عنه وفق كل ما تخوله الاختصاصات الرقابية والتشريعية وتقدمت في اطار فريق العدالة والتنمية بمقترح لتعديل قانون الطاقات المتجددة 13/09  ، وهو التعديل الذي أجيز بالفعل بعد ادماجه مع مقترح حكومي ، مما فتح إمكانية انتاج الطاقة الكهربائية أمام الخواص وعموم المواطنين انطلاقا من المصادر المتجددة وبيع الفائض وضخه في مختلف الشبكات الوطنية، وبعد ذلك تم الترافع بقوة وفي كل المناسبات لإصدار النصوص التطبيقية لتفعيل ذلك الإجراء حتى تشكلت القناعة بضرورة اخراج قانون جامع خاص بالانتاج الذاتي للكهرباء .
كانت الاهداف وراء هذا التوجه واضحة ولايختلف اثنان على أهميتها وراهنيتها ومن ذلك :
– مجابهة الضائقة والتبعية الطاقية التي تعيشها وترزح تحتها بلادنا .
– التخفيف من تحملات وتكاليف استيراد الطاقة التي تتجاوز سنويا 80 مليار رهم وتخل بالميزان التجاري.
– تحقيق الاهداف الايكولوجية وفق الالتزامات الدولية للمغرب والتخفيف من اللجوء الى مصادر الكاربون . 
– تحقيق الأمن الطاقي والكهربائي لبلادنا.
-تشجيع انشطة سوسيو- اقتصادية وتوفير فرص الشغل.  
رغم كل هذا فليس من السهل تجاوز الاكراهات التي تعترض مسار إقرار مثل هذا الإجراء ،  ضمنها محاولات الاعتراض الممنهج و الخفي عليه ، او مما يتم عرضه بلبوس تقني وعملي ولكنه في الحقيقة غير ذلك بالدرجة الاولى، حيث أن كل مشروع نجد بالطبع من يعترضون عليه او حتى من يحاولون افشاله وخصوصا  ممن يعتقدون انه سيهدد مصالحهم. في هذه الحالة فمن الطببيعي أن يكون هذا الهاجس واضحا لدى الشركات والمؤسسات ذات العلاقة بإنتاج وتوزيع الكهرباء والمواد الطاقية المختلفة. 
اما الإشكالات التقنية المتحدث عنها خصوصا ما يرتبط مثلا بكون المصادر المتجددة للطاقة تتسم بالتغير وعدم الثبات والاستقرار .L’intermittence..مما له حلول سبقتنا إليها العديد من الدول والكثير من الخبراء يعتبرون ذلك مشكلا غير حقيقي أو خاطيء.
ربما تكون جائحة كورونا مساعدة لمن يدافعون عن هذا الخيار والسياقات الدولية التي تبعتعا والحرب المندلعة بقلب اوروبا وارتفاع اسعار البترول .
المشروع الجديد المتمثل في القانون 21|82 المعروض حاليا على البرلمان والمتعلق بالإنتاج الذاتي للطاقة الكهربائية جاء مع الأسف و كأنه يستجيب لكل الأهداف المذكورة ولكن عند تفحص دقيق نجد أنه مفرغ من أي معنى ومضمون حقيقي، والملاحظات المسجلة عليه تكشف ذلك، ملاحظات يمكن إيجاز أبرزها في مايلي :
– القانون جاء مقيدا للحق الطبيعي في استعمال الطاقة الشمسية للاستهلاك الذاتي الذي بقي مفتوحا منذ عقود حتى تحول الى حق مكتسب هذا مع العلم الى ان هذا الاستعمال لاتدعمه الدولة . وهذا الحق المفتوح وغير المقيد كان يشجع المواطنين ويحفزهم على استعمال الطاقات المتجددة.
– قبل طرح هذا القانون للنقاش يظهر أنه عمليا تم حسم توزيع أغلفة الحقن بالطاقة الكهربائية المنتجة من مصادر متجددة  كما رسم ذلك القرار المشترك بين وزارة الانتقال الطاقي ووزارة الداخلية المنشور بالجريدة الرسمية بتارييخ 06 يناير 2022 الذي وزع تلك الاغلفة المخصصة للضخ في شبكة الجهد المتوسط بين المكتب الوطني للكهرباء وشركات التدبير المفوض والوكالات المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء وهذا التقسيم مبرمج ومقرر للعشر سنوات المقبلة، مما يطرح معه سؤال مشروع وهو ماذا بقي من ذلك للمنتجين الذاتيين الجدد الذين سيرخصون في اطار هذا القانون الجديد ؟  مع الاشارة الى ان مرسوم توزيع الأغلفة هذا جاء مباشرة بعد طرح هذا  القانون الجديد من طرف الحكومة .
– مشروع القانون الجديد حصر الفائض الذي يسمح ببيعه للشبكة في 10% فقط مما تنتجه منشأة الانتاج الذاتي وهي النسبة الاضعف مقارنة بالتجارب الدولية المقارنة التي تصل الى نسب مرتفعة ، ففي بلجيكا مثلا تصل الى 70% .
– نسبة 10% تفرغ منطق الانتاج الذاتي من اي معنى حقيقي وهي نسبة لن تحفز على الخوض في هذا المجال والاستثمار فيه خصوصا اذا اخذنا بعين الاعتبار لتكلفته، وجزءا من هذه التكلفة فرضها هذا القانون حين الزم المنتج الذاتي بأداء مساهمات لفائدة مسير الشبكة للاستفادة من الخدمات كما جاء في المادة 13 من القانون .
– تسعيرة البيع من طرف المنتج الذاتي لم يؤطرها هذا القانون بل  أعلن فقط تركها لمسطرة أخرى ولم يرد بشأنها اي تطمين من قبيل مقارنتها مثلا بتسعيرات البيع المخولة للمنتجين الكبار .  – تقييد القانون بالعديد من النصوص التطبيقية التي سيبقى اصدارها بيد الحكومة خارج سلطة البرلمان .
– مبدأ المساواة بين الفاعلين في المجال المعلن في المادة الاولى تأتي مواد اخرى لكبحه وجعل المنتج الذاتي الجديد في مستوى دون باقي المنتجين الكبار بل تجعله تحت رحمتهم ، مما تفتقد معه الاستقلالية وشروط المنافسة الحقيقية وكان من الاجدر ان يبقى مجال ضبط المنافسة حصرا من اختصاص الهيأة الوطنية لضبط الكهرباء ويخضع لها الجميع.  
– المبالغة في آليات المراقبة القرارات الزجرية مما قد يفقد معه الانصاف والمساواة خصوصا مع وجود اختصاصات في يد المنافسين الكبار وليست حصرية بيد هيأة الضبط المحايدة كما يظهر ذلك من خلال مقتضيات المادة 16.
– اخضاع كل المنشآت القديمة للتصريح وقد نجد منها تلك البسيطة ذات الاستعمال الذاتي البسيط واخضاع ذلك كله لقواعد وتعقيدات القانون لاحقا قد يؤثر على المكتسبات السابقة بهذا الخصوص وايضا على رغبة المواطنين في تبني خيار الطاقات المتجددة.(المادة 31)
– العقوبات و الجزاءات تظهر غير متناسقة مع درجة المخالفات و حدتها ولا تراعي امكانية وقوع الخطأ في مجال تحفه التعقيدات التقنية

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.