عبد الله الدامون يكتب: أخنوش.. كل هذه البهرجة الإعلامية.. وفي النهاية لا شيء!

عبد الله الدامون

يملك عزيز أخنوش من المنابر الإعلامية ما يمكنه من منافسة روبرت مردوخ، لكن ليس في النجاعة طبعا. كما أن الكثير من المنابر “المستقلة” تنصاع له كما تنصاع سنابل القمح لهبوب الرياح في الحقول الفسيحة.. يكفي أن يشير بأصبعه..  فتنحني الهامات عن بكرة أبيها.

ويملك أخنوش عددا قياسيا من المستشارين، يرافقونه بالمشورة في الحل والترحال، وكل مستشار يقضي لياليه على بياض حتى يضع بين يدي “السيد الرئيس” أفضل النصح.. لكن مشكلتهم الكبرى أنهم في كل نصيحة يقدمونها إلى رئيسهم يحاولون أن يكونوا ليّنين جدا ويتجنبون إغضابه.. وهذه هي المعضلة.. فالنصيحة ليست عجينة يتم تليينها حسب الطلب.

يملك أخنوش أشياء كثيرة.. كثيرة جدا.. لكنه لا يملك شيئا واحدا: حسن التدبير والرؤية المتبصرة للواقع.

منذ زمن طويل وأخنوش يستمع للنصائح السيئة ويحيط نفسه بإعلام يحاول استرضاءه وليس تنبيهه.. وفي النهاية تراكمت الأخطاء بشكل مفجع حتى وصلت إلى درجة الكذب واختلاق نظريات غبية ستزيد في إغراق الرجل وإغراق البلاد.

زمن الأخطاء بدأ مبكرا، لكنه استفحل خلال الأسابيع القليلة الماضية، مع “الهاشتاغ” المعلوم “أخنوش إرحل”، وحاول أخنوش استباق الوضع عبر تغيير كبيرة مستشاريه الإعلاميين، لكن الأوان فات، والعطار لا يصلح ما أفسده الدهر.    وعوض أن يفتح أخنوش ومن معه عيونهم جيدا على واقع يسوء كثيرا، تم اختلاق حكاية الحسابات الوهمية، ويبدو أن كبير الحملة في محيط أخنوش فعل ذلك فتبعه جيش المطبّلين لـ”لسيد الرئيس”، من دون وجود ولو نصف عاقل واحد ينبههم منذ البداية إلى سفاهة ما يقومون به.

لقد نسبوا لخبير بريطاني اسمه جونز تحليلا مضحكا حول خلق 500 حساب وهمي في “تويتر” في 24 ساعة من أجل بدء الحملة ضد أخنوش.. يا إلهي.. ومتى كان المغاربة يستخدمون تويتر.. وحتى لو فعلوا.. ما قيمة  500 حساب وهمي في “تويتر” وسط 30 مليون حساب حقيقي..  فكل مغربي يستيقظ صباحا وينظر إلى سعر ليصانص والمازوت وباقي المواد الاستهلاكية الملتهبة، فإنه يقتنع أن له “حسابا” حقيقيا مع أخنوش يجب أن يصفيه.. فلماذا أقحمتم السيد جونز في مسألة تهم المغاربة أيها العباقرة..؟!

لقد راكم أخنوش وجيشه من المستشارين أخطاء كارثية.. لأنه حين يحاول الجميع استرضاء الرئيس فالنصيحة تتحول إلى مجرد بضاعة.. لذلك عندما استفحل الوضع وقف أخنوش وحيدا يريد أن يفهم فعلا ما يجري.. وربما يكون الأوان قد فات.. أما رهط المستشارين فيمكنهم في أي وقت استبدال نظرية السيد جورج بنظرية السيدة مارغريت.. وأنا شخصيا لا أعرف من تكون مارغريت.. لكنهم قد ينسبون إليها نظرية قد تقول إن “الهاشتاغ” ضد أخنوش بدأ عن طريق فضائيين أغضبهم النجاح الباهر لأخنوش في قيادة الحكومة فجاؤوا لتدمير الكوكب.. هذا ممكن.. فالغباء لا حدود له.. لأن من يختلق نظرية جونز.. قد يختلق أية حماقة أخرى.

أعرف صديقا كان مقربا جدا من أخنوش، وسافر معه كثيرا خلال السنوات الماضية، وفي النهاية حدث خلاف عويص قضى على كل ذلك.. وأدرك الرجل أن محيط أخنوش هو السبب. قال لي الرجل: قلت لأخنوش  (قالها بالفرنسية: tu es un grand homme.. mais tu es entouré des petits hommes..

ربما يكون الوصف ملائما.. لكنه غير دقيق.. لأني قلت لصديق أخنوش: وهل يوجد رجل عظيم فعلا يحيط نفسه بالأقزام.. الرجل العظيم يحيط نفسه بالكبار وليس بالباحثين عن الفتات والمصالح.

ها هو رئيس حكومة يملك كل شيء.. المال والإعلام والجاه والسلطة.. وفي النهاية يتعلق أنصاره بأهداب “السيد جونز” لكي ينقذهم بكذبة.. وجورج لا يعرف!

إنها كوميديا حزينة..

نقلا عن “المساء اليوم”

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.