محمد عصام يكتب: الأغلبية تقول لكم “سيروا تضيموا”!!!!

محمد عصام

وأخيرا تجتمع الأغلبية بعد انقطاع دام أكثر من ثلاثة أشهر، فآخر لقاء للأغلبية انعقد يوم 8 أبريل 2022،  في حين أن ميثاق الأغلبية التي ألزمت نفسها به والموقع يوم 6 دجنبر 2021، جاء فيه بالحرف: “تعقد هيئة رئاسة الأغلبية الحكومية اجتماعا دوريا مرة في الشهر على الأقل، لتقييم مراحل تنفيذ البرنامج الحكومي، وتتبع خطوات تنزيله، ودراسة القضايا الوطنية الكبرى ومستجدات الساحة السياسية”. 
فأول سؤال يطرح هنا ما الذي منع الأغلبية من الاجتماع طيلة هذه المدة من الانعقاد، ألم يقع طيلة هذه المدة ما يستدعي ضرورة الاجتماع، خصوصا وأن الميثاق كان صريحا في التنصيص على أن الانعقاد يكون لمدارسة القضايا الوطنية الكبرى ومستجدات الساحة السياسية؟ 
هذا يحيلنا مباشرة على الأهم بخصوص اجتماع أمس، وهو أن القارئ للبلاغ الصادر عن ذلك الاجتماع، سيعتقد أنه بصدد أغلبية “بحزر الوقواق” وليس أغلبية تدبر شؤون بلد اسمه المغرب يغلي بغضب عارم تجاه الحكومة وسياستها وعدم قدرتها على مواجهة لهيب أسعار المحروقات التي يلفح المواطنين، وعجزها التام والمشين عن مجرد القدرة في التواصل مع المواطنين وشرح الملابسات المتعلقة بهذا الغلاء الكاسح. 
فلا حديث مطلقا في البلاغ عن غلاء أسعار المحروقات وأثرها على المعيش اليومي للمواطنين، ولا حديث أيضا عن الحملة الرقمية التي تجتاح منصات التواصل الاجتماعي مطالبة برحيل رئيس الحكومة، مما يجعلنا نتساءل لأي شيء تصلح هذه الحكومة وأغلبيتها، وما الحاجة إليها من الأصل؟ 
الخلاصة التي يمكن أن يخرج به أي متتبع للشأن العام، أن هذه الأغلبية التي تم إلبساها ثوبا أكبر من مقاسها في فضيحة 8 شتنبر، أنها ستتعثر فيه سريعا لا محالة، وربما لا قدر الله ستُسقط البلد كله معها  في مجاهيل لا يعلم إلا الله مداها وقاعها. 
أن تنعقد الأغلبية وتقفز على موضوع المحروقات، يعني شيئين إثنين: 
إما أن هذه الأغلبية واثقة من نفسها إلى درجة المكابرة والعناد، وتقول للمغاربة كما قال رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية قبل أيام بمجلس النواب على لسان رئيس مجلس المنافسة  “سيروا تضيموا”، وفي هذه الحال فهي توقع صك سقوطها بنفسها، وتستعجل زوالها من حيث تدري أو لا تدري. 
وإما أن هذه الأغلبية والحكومة المنبثقة عنها وكل المشهد الذي أفرزته فضيحة 8 شتنبر، مجرد سراب ” يحسبه الضمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا”، وأن فاقد الشيء لا يعطيه، فهذه الأغلبية وحكومتها تبَيَّن للمغاربة وفي زمن قياسي أنها لا تملك من أمرها شيئا، وأنها عاجزة عجزا كليا عن مواجهة التحديات وإبداع الحلول، وأنها متورطة ومكبلة بتضارب المصالح، مما يفقدها القدرة على التحرك أو حتى مجرد التواصل. 
وفي كلتا الحالتين، فمصير البلد وما ولد كله الآن في أيد غير أمينة وعاجزة ومرتعشة ومتلبسة بجرم الانحياز لفئة صغيرة من “مصاصي الدماء”، الوالغين في دم الشعب، وأن كل الشعارات التي رفعت تضليلا وتغليطا في الحملة الانتخابية تهاوت بدون استثناء، وسقط القناع عن الجميع، وأصبح اللعب اليوم على المكشوف، بين شعب أعزل خذلته مؤسساته التمثلية و” باعت واشترت فيه” بأبخس الاثمان، وجبهة  “الكاريتلات” التي تحكمت وأحكمت قبضتها على كل ما “يتحرك ويدب” على الأرض، وألجمت  الألسن وكممت الأفواه، ولم يفلت من قبضتها إلا هذه التعبيرات الشعبية التلقائية  والحضارية على المستوى الرقمي بعد أن ضاقت عليها “أرض الواقعي” بما رحبت، فانبرت تلك الجبهة على شيطنتها وإلصاق كل المساوئ بها، فتارة يقولون إن وراء الحملة جهات أجنبية عدوة للمغرب، وتارة إن الحملة تزعزع استقرار البلد وكأن استقرار هذا الأخير رهين  ببقاء ثمن الكازوال والبنزين يناطح العشرين درهما، وتارة يُتهم المنخرطون في الحملة بأنهم مرضى، ناهيك عن تقطير الشمع لحزب وطني من حجم العدالة والتنمية، وتسخير المؤسسات العمومية لشيطنته واتهامه بأنه يحاول درأ ما أسماه بلاغ لاماب ب “الإخفاق الانتخابي”  والتنسيق مع عملاء سريين،  ما زلنا ننتظر من تولى كبر هذه الادعاءات أن يكشف عنهم بوضوح.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.