بووانو يكتب: أيتها الحكومة الغريبة.. الشعب المغربي رافض للعبث فلا تستفزوه

عبد الله بووانو

توقعت أن تكون فترة العطلة الصيفية، فرصة مناسبة لهذه الحكومة الغريبة – غريبة في سلوكها السياسي، وغريبة عن عموم المغاربة- لتراجع أوراقها وأولوياتها، وأن ينصح الناصحون وزراءها الشاردون منهم أساسا، لكي يستشعروا ثقل المسؤوليات الملقاة على عاتقهم، ويتصرفوا بما يعكس ثقل اسم المملكة المغربية وتاريخها وهوية شعبها، لكن مع الأسف.. ما افتتحت به حكومة “8 شتنبر” الموسم السياسي إذا جاز التعبير، يدل على أن دار لقمان ماتزال على حالها، أو لنقلها بتعبير آخر، دار أخنوش ماتزال على حالها.
دعونا نقف على عنوانين أو ثلاثة تلخص هذه البداية الموغلة في التفاهة والرداءة والمنذرة بما هو أسوأ.
أول عنوان يتعلق برأي مجلس المنافسة حول المحروقات، وإن كنت لا أريد الآن الدخول في تفاصيله وفي طريقة صياغته وطريقة تقديم وتوظيف المعطيات والأرقام الواردة فيه، ولكن حسبنا أننا أمام دليل إدانة إضافي رسمي لشركات المحروقات التي ظلت تسجل معدلات أرباح كبيرة في وقت تزداد فيه القدرة الشرائية للمواطنين تدهورا.
رأي مجلس المنافسة اثبت صوابية مواقفنا منذ قررنا بكل شجاعة تنظيم مهمة برلمانية استطلاعية حول المحروقات، وعممنا الكثير من معطياتها، ليعرف الرأي العام الوطني ماذا يحدث في هذا القطاع المُحرق، ولو كان لدينا رئيس حكومة سياسي يحترم الشعب ومؤسسات الدولة لقدم استقالته باعتباره يجمع بين رئاسة الحكومة وبين التجارة في المحروقات التي أحرقت أسعارها المواطنين.. ولكن لا حياة لمن تنادي.
وعلى كل حال، سأعود لهذا الموضوع بالتفصيل في حلقات بحول الله. 
العنوان الثاني، هو عنوان لحدثين بنفس المضمون تقريبا، بصم عليهما وزير التعليم العالي، ووزير الثقافة والشباب والتواصل.   اما وزير التعليم العالي، فعوض أن يخرج في بداية الموسم الجامعي إلى المواطنين بما أعده للطلبة منهم، ويشرح برامجه وسياسته في القطاع، ليبعث الأمل والحماس في نفوس الشباب، خرج علينا داعيا لتعليم ما اعتبره ثراتا للشيخات، وتلفظ بكلام من خوارم الوزارة لو كان يعلم.. ولكن المسكين لا يعلم.. وموضوعي هنا ليس هو الشيخات، وإنما هو الإشفاق على التعليم العالي الذي يوجد على رأسه مثل هذا الوزير.   في الحقيقة هذا الوزير لا يهمه التراث ولا يهمه إدماج الحفاظ عليه في منظومة التعليم العالي، وإنما ما يهمه هو تعميم التفاهة والصفاقة باسم التراث، يهمه تسميم الجامعة والتعليم العالي وإرباك ما يمكن إرباكه في انتظار الارباك الشامل، هل هذا وزير أهل للثقة؟   لقد جاء هذا الوزير لشيء آخر غير التعليم العالي والبحث العلمي و لا نعلم لصالح من يشتغل بالضبط، يقال أنه يشتغل لصالح فرنسا، لسنا متأكدين، وكل ما نحن متأكدون منه انه لا يخدم المغاربة ولا هوية المغاربة ولا أخلاق المغاربة، بل يسخر ويحتقر المغاربة، ألم يصف مؤسسات جامعية تحتضن الآلاف من الشباب بالمقابر، ألم يلغي التزامات سابقة للدولة في قطاع التعليم العالي، الم يروج للميوعة وقلة الحياء باسم الحداثة عبر نموذج لباس زوجته، ولكم أن تراجعوا كلمته في نشاط بإحدى المؤسسات بالقنيطرة خلال مارس الماضي،
لا أعلم هل هذا وزير للتعليم العالي والبحث العلمي، أم وزير للبيكيني وللشيخات.   وياليته صادق في تشجيع الشيخات، لأن غايته هي إدراج هذا التراث في منطق التجارة والخوصصة، وبالتالي القضاء عليه وحرمان الكثيرين منه بإخراجه من جو الفرحة والمرح الذي عادة يؤطره خاصة في المواسم الفلاحية الجيدة.
طيب.. لن نذهب بعيدا، عن هذا النوع، وزير آخر ينظم مهرجانا يستدعي له فنانين، منهم المحترمين على كل حال، ولسنا في حاجة للتأكيد على أننا لسنا ضد الفن أو الغناء، قد تختلف الأذواق، لكن لهؤلاء المغنيين جمهورهم، وقد يكون من عائلاتنا وأعضاء حزبنا، لكن بالله عليكم، ما علاقة الغناء والفن والثقافة بالكلام البذيء والساقط؟ ما علاقة التعبيرات الجديدة في الغناء بالكلام الخادش للحياء؟
اذا كان وزير الثقافة والشباب والتواصل يريد تشجيع “الراب” ويعتبره تعبيرا جديدا، فلماذا أخذ من القاع ومن الرديء ومن الشاذ، لماذا لم يستدعي مغنيين للراب يغنون عن الوطن وعن التراث والثقافة المغربية، وعن الفساد والظلم، هؤلاء أيضا مغاربة ولهم جمهورهم، أم أن الوزير يريد هو تعميم “الطوطوة” ونشر نموذج التعاطي للمخدرات والتطبيع مع هذه الآفة.. هل يعرف هذا الوزير الشاب الى أين هو ذاهب أم لا، هل يعرف أنه وزير في المغرب، أم يتخيل أنه في دولة أخرى لا علاقة لها بالإسلام وبالأخلاق والحياء العام..
وبالمناسبة نحن نتساءل عن الوجهة التي قضى بها وزير الشباب والثقافة والاتصال عطلته الصيفية، وعلى حساب من، يقال انه قضاها في وجهة عالمية، ثم جاء ليلوث أسماع المواطنين ويلوث الفضاء العام بالكلام الساقط.
بالمناسبة أيضا، ما قصة صفقة إصلاح قاعات السينما بمبلغ يصل الى 37 مليون درهم، وكيف أمكن لشركة تحمل اسم أحد المناسك، كانت متخصصة في الحراسة، فإذا بها تحوز صفقة إصلاح قاعات السينما، ربما قربها من رئيس الحكومة هو السبب.
أيتها الحكومة الغريبة.. الشعب المغربي رافض لهذا العبث فلا تستفزوه.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.