قربال يكتب : المخطط التشريعي والوظيفة التشريعية

نورالدين قربال
 
لأول مرة تضع حكومة سياسية مخططا تشريعيا، تعتبره خريطة طريق خلال الفترة المتبقية لحكمها، وأمام هذا الاجراء تعددت الآراء حول هذه المبادرة، بين الايجابية والسلبية.
ومن أهم الآراء المثمنة لهذا الاختيار أنه يرشد العملية التشريعية ويجعلها خاضعة لبرنامج محدد.
أما الرأي الثاني، فيعتبر المبادرة الحكومية تطاولت على اختصاصات البرلمان، وفي هذا الاطار سأحاول مقاربة هذا الموضوع انطلاقا من المقتضيات الدستورية.
إن التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة أساس في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون. ومن المقومات التي يصبو إليها نظام الحكم  بالمغرب “البرلمانية” لما تتضمنه هذه الكلمة من معنى.
والسؤال اليوم: من يضع مشاريع القوانين التنظيمية والعادية المتعلقة بالقضايا التالية:

– تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية – المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية –  الأحزاب السياسية – المنظمات النقابية – المعارضة البرلمانية – الملاحظة المستقلة والمحايدة للانتخابات – إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية – تقديم ملتمسات في مجال التشريع – تقديم عرائض إلى السلطات العمومية – هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز – الإعلام العمومي – حق الاضراب – ولوج الوظائف الانتخابية – مجلس استشاري للأسرة والطفولة – مجلس استشاري للشباب والعمل الجمعوي – مجلس الوصاية – مجلس النواب ومجلس المستشارين – تقصي الحقائق – الحكومة – القضاة – المجلس الأعلى للسلطة القضائية – المحكمة الدستورية – الدفع بعدم دستورية قانون – الجهات والجماعات الترابية – المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات.
هذه بعض المشاريع المنصوص عليها في الدستور، لكن الملاحظ أن البرلمان يطالب بوضع كل ما له علاقة مباشرة به، وتصر هيآت من المجتمع المدني صياغة كل ماله علاقة بالفعل المدني. والحكومة تستشعر المسؤولية السياسية إن لم تعجل باصدار المشاريع المذكورة خاصة القوانين التنظيمية التي من المفروض أن تصدر وجوبا خلال الولاية الحالية.
إذا أين يتجلى الصواب ؟  في تقديري أن الكل على صواب إذا استطعنا أن نطبق الديمقراطية التشاركية. وكان بودنا أن يتضمن الدستور  ضرورة إخراج مشروع قانون تنظيمي متعلق بشروط وكيفيات تدبير هذا النوع من الديمقراطية. حتى تكون مرجعية للجميع.
لأن هناك اختلافا كبيرا في فهم التشاركية خاصة بين الحكومة والبرلمان والمجتمع المدني، وقد يؤدي هذا أحيانا إلى توترات يستغلها البعض في تعميق الخلاف مما يؤثر على المصلحة العامة.
ومساهمة في مقاربة هذا الاشكال نؤكد على مايلي:

 القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة، لأنها مصدر السيادة. وكل المواطنين والمواطنات لهم الحق في تقديم ملتمسات في مجال التشريع، وهذا ما سينظمه قانون تنظيمي. وتشارك المعارضة البرلمانية في وظيفة التشريع.
وقد اصطلح على الدورة البرلمانية بالتشريعية، ويمارس البرلمان هذه السلطة التشريعية. كما يصوت على القوانين.
وقد يأذن القانون للحكومة في مراسيم يختص القانون بها لكن بعد مصادقة البرلمان.
كما توسعت مجالاته التشريعية. ولرئيس الحكومة وأعضاء البرلمان الحق في تقديم اقتراح القوانين. كما للحكومة إصدار مراسيم قوانين. ويخصص يوم في الشهر لمدارسة مقترحات القوانين. كما تضمن تنفيذ القوانين.
إننا من خلال المعطيات المطروحة، فإن الدستور يعطي الأحقية في التشريع للسلطة التنفيذية والتشريعية والمواطنات والمواطنين طبقا للقوانين التنظيمية والعادية ما زالت بعضها لم تر النور نظرا لصدورها أول مرة، اضافة إلى ذلك لابد من استحضار التكاملية بين الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية والمواطنة، والتي نؤكد على التوافق التنزيلي لهذه التشاركية. مع استحضار المسؤولية السياسية للحكومة التي ستحاسب على فترتها الولائية، من حيث التنزيل الديمقراطي لمقتضيات الدستور، ثم محاسبة الأمة لممثليها على الحصيلة التشريعية.
وأخيرا وليس آخرا مساهمة المواطنات والمواطنين في تقديم ملتمسات التشريع، ولن يتم هذا إلا بصدور قانون تنظيمي يؤطر ذلك.

وأتأسف أخيرا على عدم وجود إشارة دستورية إلى  اطار تشريعي ينظم كما قلت شروط وكيفيات تدبير وتنظيم مضامين الديمقراطية التشاركية كما هو الشأن بالديمقراطية التمثيلية.
وهذا الفراغ سيخلق تدافعات  سياسية / مدنية، ويمكن تجاوز هذه المرحلة بايجاد الحل لهذا الفراغ التشريعي خاصة، وأن الاختيار الديمقراطي أصبح ثابتا من الثوابت الجامعة للأمة…
ولا شك أن هناك تزاحما، إن صح التعبير بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في التعامل خاص على مستوى مشاريع المقترحات، خاصة وأنه لأول مرة يقدم البرلمان مقترحات قوانين تنظيمية والتي بلغت حوالي ثمانية..لأنه إذا لم نستطع أن نحل هذا المشكل فكيف سيتعامل البرلمان مع المبادرة التشريعية الشعبية؟ والتي تنتظر التأشيرة من القانون التنظيمي المنظم لهذا الإجراء التشريعي الشعبي في إطار التكاملية بين الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية؟
“عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.