نساء العدالة والتنمية.. تاريخ حافل بالنضال المستمر والعطاء المتواصل


24-10-11
“حزب العدالة والتنمية للنساء والرجال.. ونحن لا نعترف بعالم للرجال وآخر للنساء.. فعالم السياسة للجميع نساء ورجالا”.. بهذه الكلمات المشبعة قوة وإيمانا بنهج العمل المشترك، الذي تنصهر فيه عطاءات النساء والرجال معا بناء متجددا للوطن والأمة، حدد الرئيس المؤسس لحزب العدالة والتنمية الدكتور عبد الكريم الخطيب رحمه الله اختياره في تنظيم الحزب، وهو يرسي دعائم مؤسساته، وخطّ منهجا أصيلا في مقاربته للمسألة النسائية، منطلقا في ذلك من فلسفة تقوم على قاعدة “النساء شقائق الرجال”، رافضا أن تُعزل المرأة داخل حزب العدالة والتنمية”.

المشاركة النسائية دعامة للديمقراطية
واصل حزب العدالة والتنمية اجتهاده الفكري والعملي، الذي ينطلق من اعتبار “المشاركة النسائية دعامة للديمقراطية”، لتتبوأ نساؤه موقعهن الطبيعي في العمل الحزبي والحياة السياسية، فتحمّلن المسؤولية في مراكز القرار، ابتداء من الكتابات المحلية والإقليمية والجهوية والمؤتمرات الوطنية إلى العضوية في المجلس الوطني، التي انتقلت من ست نساء إلى 16 امرأة، وعضوية الأمانة العامة للحزب، حيث انتخب المؤتمر الوطني الرابع لـ1999 أول امرأة عضوا بقيادة الحزب، لينتخب المؤتمر الوطني الخامس 2001 امرأتين بالأمانة الأمانة العامة، وليحافظ المؤتمر الوطني السادس 2008 أيضا على عضوية امرأتين بالأمانة العامة”.
ورغم انصهار نساء العدالة والتنمية في هياكل الحزب وحضورهن الفاعل في مختلف محطاته النضالية، تنامى وعي حزب العدالة والتنمية بوجود خصوصيات لقضية المرأة والأسرة، وخصوصيات لنضالها ووجودها داخل الحزب، وبرزت الحاجة، مع مرور الوقت، إلى لجنة تركز الاهتمام على القضايا الخاصة بالعمل النسائي داخل الحزب وخارجه، وتساهم، من خلال أنشطتها الداخلية والإشعاعية، في تطوير أداء المرأة المغربية في مجال النضال السياسي عموما، وفي القضايا المرتبطة بالمرأة والأسرة خصوصا، فاستجاب حزب العدالة والتنمية لهذه الحاجة الملحة والموضوعية، وشكل فبراير  2001 لجنة خاصة بقضية المرأة، اعتبرها في مرحلة أولى اللجنة الإدارية لقضايا المرأة والأسرة والتي اصطبغت بطبيعة استشارية، وتولت تمثيل الحزب في الملتقيات الوطنية والدولية ولدى الهيآت السياسية في مجال المرأة والأسرة.. ثم في مرحلة ثانية في نونبر 2005 تكونت لجنة قضايا المرأة والأسرة التي اعتبرت امتدادا للجنة الأولى، مع توسيع مهامها لتشمل الجانب التأطيري، فاستحدثت ناديا للمرأة والأسرة انكب على مناقشة قضايا تمس واقع المرأة، كـ”إشكالية الأمية”، و”حماية الأسرة في مدونة الشغل”، و”الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمرأة”، و”مدونة الانتخابات”، وغيرها.. وفي مرحلة لاحقة تشكلت اللجنة الموضوعاتية لقضايا المرأة والأسرة.. إلى أن جاءت مرحلة ما بعد المؤتمر السادس، باعتبارها انطلاقة جديدة للعمل داخل الحزب وضعت العمل النسائي في هيكلته الداخلية ضمن قسم التأطير الذي يضم التنظيمات الموازية، مما أشرّ على عزم الحزب على أن يضيف إلى العمل النسائي المندمج بنية تنظيمية للعمل النسائي المتخصص”.
اللجنة المركزية للعمل النسائي
توجهت الأمانة العامة نحو التفكير الجدي في تنظيم نسائي مهيكل، قوي وناضج وقادر على التأطير وإنتاج الأفكار، وترصيد دور المرأة في إدارة الشأن العام.. إطار متكامل يعطي مساحة كبيرة وفرصا متعددة لنساء الحزب للفعل السياسي، وأيضا لتجميع الكفاءات النسائية وتنمية قدراتهن واستثمار مؤهلاتهن لعمل حزبي ديمقراطي وذي مردودية سياسية للمجتمع وللوطن.. فتأسست اللجنة المركزية للعمل النسائي بداية ربيع 2008 أوكل إليها مهمة التفكير في شكل تنظيمي يحدد ميادين الاشتغال ووضع مخططات للعمل وفق استراتيجية الحزب وبرامجه، إضافة إلى مواكبة أعمال الحزب والقيام بوظيفة التنشيط والتأطير في هذه المرحلة الانتقالية التي تفصل عن ميلاد هذا المولود المنتظر”.
نساء العدالة والتنمية ومعركة الخطة
ولم تقتصر عطاءات نساء العدالة والتنمية على العمل داخل حزب العدالة والتنمية، بل امتدت إلى الدفاع عن هوية المغرب وثوابته في معركة ما سمي بمشروع “الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية” عام 2001، باعتبارها خطة أعدت في جنح الظلام من طرف بعض الجمعيات ذات التوجهات النسوانية المتطرفة وبمباركة من كاتب الدولة في الأسرة آنذاك، وبعيدا حتى عن أعين الحكومة، وفي إقصاء للعلماء ولجمعيات نسائية أخرى تخالفها، لتنتصر للمرجعيات الدولية على حساب المرجعية الإسلامية للمغاربة.. وقُدْن في جرأة متفردة، بمعية رجال العدالة والتنمية وهيآت سياسية ومدنية وطنية أخرى، النضال من أجل تحقيق مقاربة تكاملية لقضية المرأة تسعى إلى أن تقيم التوازن بين جميع مكونات الأسرة المغربية دون أن يكون تحقيق حقوق المرأة على حساب حقوق الرجل أو الطفل أو على حساب الأسرة ذاتها، وتنصف المرأة من داخل المرجعية الإسلامية دون الحاجة إلى ليّ أعناق الأحكام الشرعية القطعية أو التعسف على نصوصها لتطويعها.. وجاء التحكيم الملكي واضحا عندما أعلن الملك أنه لا يمكنه، بصفته أميرا للمؤمنين، أن “يحل حراما أو أن يحرم حلالا”.
حضور  متميز  في  البرلمان والمجالس  الجماعية
وكما امتدت عطاءات نساء العدالة والتنمية نضالا متميزا على القضايا النسائية، امتدت مشاركة فاعلة في تدبير الشأن العام، بدءا بالمؤسسة التشريعية إلى مختلف الجماعات الترابية، حيث ولجت ست نسوة منهن لأول مرة قبة البرلمان عام 2002، ليحافظن على نفس العدد 6 في تشريعيات 2007.. وقد تميزن بفاعلية الحضور وقوة التأثير، حيث اعتبرن أول قوة اقتراحية نسائية في المجلس، وشكلت اقتراحاتهن مثلا 26% من مجموع المقترحات التي قدمها فريقهن العدالة والتنمية خلال الولاية التشريعية 2002/2007، أهمها كان إنشاء المجلس الأعلى للأسرة ليتولى السهر على حماية مؤسسة الأسرة بكل مكوناتها..
فيما برهنت مستشاراته، اللاتي ولجن الجماعات المحلية منذ استحقاقات 2003 واستطعن أن يتحولن إلى رقم معتبر في تشكيلة المجالس البلدية، حيث بلغ عددهن 196 مستشارة خلال انتخابات 2009 الأخيرة بعد أن كنّ 14 مستشارة في جماعيات 2003.. واستطعن أن يجعلن من حضورهن وفاعلية عطائهن الميداني عنوانا على النزاهة والشفافية والإنجاز وتخليق الحياة العامة..
كما برهنّ خلال فعاليات المشاريع الثلاثة، التي نظمتها اللجنة المركزية للعمل النسائي بشراكة مع صندوق الدعم لتشجيع تمثيلية النساء، على أنهن إضافة نوعية قادرة على تجاوز مختلف العوائق، سواء الذاتية أو الموضوعية، للمساهمة في تنمية البلاد والرقي بها، حيث همّ المشروع الأول لعام 2009 “دعم القدرات النسائية للمرأة في تدبير الشأن المحلي”، ومشروع 2010 “تقوية قدرات المستشارات في تدبير الشأن المحلي”، وفيما يتناول مشروع هذه السنة 2011 “التحفيز نحو مشاركة أكبر للمرأة في صنع القرار”، بما يطوّر قدراتهن المعرفية ويرفع أداءهن الميداني، ويفعّل قدراتهن الاقتراحية، ويعزز انفتاحهن على مختلف المكونات السياسية..
وتمكّنت برلمانيات العدالة والتنمية من أن يكنّ من أوائل النساء اللواتي ترأسن لجانا دائمة في مجلس النواب، حيث ترأست إحداهن لجنة الخارجية السنة التشريعية 2004/2005، وترأست نائبة ثانية رئاسة لجنة القطاعات الاجتماعية للسنتين التشريعيتين 2007/2008، إضافة إلى أمين مجلس النواب.. وكنا من المبادرات إلى تأسيس منتدى النساء البرلمانيات، بل وترأست نائبة منهن أولى ولاياته.. فيما تمكّنت عدد من مستشاراته من رئاسة لجن مختلفة داخل الجماعات الترابية، سواء القروية أو الحضرية، ومنهن من كنّ نائبات للرئيس.
تأسيس منظمة نساء  العدالة والتنمية
الحضور الجاد والتواصل المتميز، سواء للبرلمانيات أو المستشارات الجماعيات، سرى أيضا دبلوماسية فاعلة شهد عليها حسن تمثيلهن لبلدهن المغرب ولمؤسسته التشريعية والجماعية في مختلف الزيارات الدبلوماسية التي شاركن فيها تعريفا بقضايا المغرب ودفاعا عن ثوابته ومواقفه.. وأيضا في مختلف البرامج التلفزية والإذاعية التي أبنّ فيها عن قدرة تحليلية عالية لقضايا الوطن والأسرة والمرأة على السواء..
وهكذا.. نجحت نساء العدالة والتنمية في توقيع حضور متميز ضمن نضال المرأة المغربية شهدت به تقارير المتتبعين لمختلف أنشطتهن.. وها هن يواصلن اليوم سيرهن نحو مزيد من المساهمة الفاعلة في مأسسة المشهد السياسي بما يمكّن من إحداث تغيير مجتمعي حقيقي، ويضفن لبنة جديدة في هيكلة حزبهن ومساحة عريضة وخاصة لبناء العمل المشترك والمتخصص في آن معا، ويعلنّ عن تأسيس منظمة “نساء العدالة والتنمية” التي ستتولى تفعيل المشروع المجتمعي حزب العدالة والتنمية على مستوى الشأن النسائي، اقتراحا وتأطيرا ونضالا سياسيا وإنتاجا فكريا، كما صادق على ذلك المجلس الوطني للحزب خلال دورته العادية التي عقدها يومي 25 و26 دجنبر 2010 ببوزنيقة.. لتكون خطوة المؤتمر التأسيسي لمنظمة نساء العدالة والتنمية، الذي اختار “المشاركة النسائية دعامة للديمقراطية” شعارا له، محطة نوعية في تاريخ العمل النسائي بالحزب تتوج مسارا نضاليا حق لحزب العدالة والتنمية، نساء ورجالا، أن يعتز به وقد أعطى أكله مشاركة في القرار ومساهمة في الفعل.. هيكلة لا تلغي العمل المشترك، بل تدعمه وتقويه، وتجعله أكثر نجاعة وفاعلية.

اللجنة الوطنية للعمل النسائي

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.