وشهد شاهد من أهلها.. حكومة أخنوش تعترف بصواب قرار ابن كيران بخصوص إصلاح المقاصة

أنهى فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، الجدل بخصوص إمكانية العودة إلى إعادة دعم المحروقات عبر صندوق المقاصة، مشددا على أن إعادة المحروقات إلى الصندوق تجعلنا في حاجة إلى 60 مليار درهم إضافية، مبرزا أن هذا الأمر يتطلب “أن نقرر جماعة وفقا للدستور إلغاء الاستثمار في البلاد وإلغاء السياسة الصحية والتغطية الاجتماعية، كما لن نجد ما نمول به السياسة الأمنية، وآنذاك سندعم المحروقات ونحافظ على أسعارها”

شجاعة ابن كيران في الإصلاح
تفاعلا مع هذا التصريح، أكد محمد خيي الخمليشي، عضو لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب سابقا، أن إصلاح المقاصة كان مطلبا جماعيا للخبراء والأطر، تعضده الأبحاث والدراسات، لكن دون أن يشرع أحد في البدء فيه، إلى أن قام بذلك الأستاذ عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة الأسبق.
وذكر خيي في حديث لـ pjd.ma أن دعم بعض المواد اتخذ أشكالات متعددة منذ الاستقلال، تصل إلى التضارب في بعض الأحيان، هذا الدعم، وإن كان هدفه دعم السلم الاجتماعي والقدرة الشرائية، إلا أن الطريقة التي كان يتم بها كان فيها إشكال، سواء من حيث الكلفة أو الاستهداف، لذلك لا يمكن وصف ما قام به ابن كيران إلا بالقرار السياسي الصحيح، الذي ينم عن شجاعة كبيرة وتحمل للمسؤولية، وأن الحكومة، حينها، كانت لها بوصلة واضحة لإصلاح المالية العمومية واسترجاع التوازنات وضبط المصاريف.

لقجع في مقابل أخنوش..
وفي تفسيره للتناقض بين قول رئيس الحكومة عزيز أخنوش، لعبد الله بووانو، رئيس مجموعة “المصباح” بمجلس النواب، أن لا مانع لديه من إعادة المحروقات لصندوق المقاصة إن وافق ابن كيران، مقابل تصريح لقجع، أكد خيي أن كلام أخنوش متناقض في كل تفاصيله، إذ، فضلا عن كونه عضوا في الحكومة التي اتخذت قرار حذف المحروقات من المقاصة، وفضلا عن كونه لم يسبق له التعبير عن رفضه لهذا الإصلاح، وفضلا عن كونه يستفيد منه ماليا، فهو، إلى كل ما سبق، له القدرة على إعادة المحروقات إلى صندوق المقاصة، لكنه لن يفعل.
واسترسل، دون أن ننسى أن كلام أخنوش الذي جاء شاردا وفجا، حاول من خلاله تقمص دور ليس له، فقد تحكمت فيه فكرة المزايدة على حزب العدالة والتنمية، والسعي لتحميلها كل الأخطاء والإشكالات القائمة، غير أنه، لسوء حظه أو لشيء آخر، اتجه إلى القرار المتعلق بالمحروقات، وهو القرار الذي حظي بدعم شعبي وساندته الدراسات العلمية والموضوعية، فضلا أنه لن يجد من عاقل يقول باستمرار دعم المحروقات كما كان.

الإشكال في المواكبة..
الاشكال الذي وقع في إصلاح المقاصة، وفق خيي، هو ما صرح به ابن كيران نفسه، أي في الطريقة والمنهجية، وتحديدا ما تعلق بالتدابير المواكبة والمصاحبة للحذف التدريجي للمحروقات من المقاصة، مشيرا إلى أن هذا الرأي، هو ما ذهبت له عدد من الدراسات التقييمية لإصلاح الصندوق.
وذكر النائب البرلماني السابق أن المنافسة لم تتحقق عقب تحرير المحروقات، بل الذي وقع، هو وجود غش وممارسات محرمة بالقانون، تمس بأخلاق الممارسة الاقتصادية السليمة، منبها إلى أن اعتراف ابن كيران بهذا الأمر يضفي على مسار إصلاح الدعم إلزامية القيام بالمطلوب على مستوى الاستهداف والمنافسة لكي يصل إلى مداه ويحقق المراد منه.

إصلاح تاريخي..
واعتبر خيي أن الإصلاح الذي تم على صندوق المقاصة أنقذ المالية العمومية من الإفلاس، ولولاه، لما كان بالإمكان المضي في السياسات الاجتماعية التي قامت بها الدولة، وبالتالي، قرار الإصلاح لم يكن أبدا قرارا فاشلا أو معزولا.
وأشار النائب البرلماني السابق إلى أن ما قاله لقجع بمجلس النواب هو قول صحيح، ذلك أن إعادة الدعم لمادة المحروقات سيوقف كل البرامج الاجتماعية ونسبة كبيرة من الاستثمار، وأردف، فضلا أن الوزير تحدث من منطلق مواكبته للإصلاح الذي تم على المقاصة ويعرف خبايا الميزانية العمومية جيدا.

أغلبية مهزوزة..
تصريحات أخنوش وأغلبيته بحسب خيي تؤكد أننا أمام رئيس الحكومة لا يحترم نفسه، وأن أغلبيته ليس لها رؤية، وكيف لها ذلك وهي محض خليط من التقنوقراط والفعاليات وأجزاء غير متناسقة، منبها إلى أنه في الممارسة يظهر التضارب والصراع رغم كل ما يُبذل للقول بأنها حكومة منسجمة.
وأبرز خيي أن تضارب الحكومة أمر طبيعي في سياق شتنبر الذي أفرزها، إذ ضمت الشيء ونقيضه، ومنه أن رئيسها متحيز لتوجه ليبرالي متوحش، أكده اشتراطه على ابن كيران إيقاف الدعم المباشر المخصص للفئات الهشة، وطريقة تفاعله مع ارتفاع أسعار المحروقات، ولذلك، يردف البرلماني السابق، كل حديث أخنوش عن البعد الاجتماعي إنما تنفيذ للرؤية الملكية في الموضوع لا غير.
وشدد خيي على أن التناقض الذي قد يظهر بين الفينة والأخرى بين مكونات هذه الأغلبية هو الأصل، يبين أن تجمع المصالح لا يمكن إلا أن يتناقص لتعدد مشاربه وأسباب قدومه ومشاركته، ولذلك، يؤكد المتحدث ذاته، لسنا بصدد أغلبية سياسية لنقول بالانسجام من عدمه.
وللأسف، يقول خيي، نرى تدهورا كبيرا في محيط اشتغال الحكومة، وتبخر شعار حكومة الكفاءات، ويكفي للتأكد من ذلك الاستماع إلى أجوبة الوزراء في البرلمان، حيث إنها إجابات مخجلة حقا، فكيف يعقل أن الوزير ليس له القدرة على الإضافة أو التعديل أو التفاعل مع تعقيب البرلمانيين؟ وأردف، كما أن هذه الحكومة ما تزال تعلق فشلها على الحكومتين السابقتين، فإلى متى ستستمر في هذا الهروب من المسؤولية، يتساءل عضو “مصباح” النواب السابق.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.