محمد عصام يكتب: ماذا وراء هجوم “الأحداث” على ابن كيران؟

وجدت نفسي مضطرا للرد على مدير جريدة الأحداث لصاحبها مقترف خطيئة ” كلنا إسرائيليون”، رغم أني متيقن أن المعني بالرد، ليس إلا “خادما متفانيا” لجهات يزعجها ويقض مضجعها حزب العدالة والتنمية، كما أن أمينه العام الأستاذ عبد الإله ابن كيران تحول  بالفعل إلى “غصة دائمة ومؤلمة” في حلق القوم ومن يُشغِّلهم من وراء حجاب.
صاحبنا كتب افتتاحية يوم الثلاثاء تحت عنوان ” الابن للفراش…”، ارتكب فيها مجموعة من الخطايا ليس بمقياس السياسة فقط، ولكن بحسابات المهنية وأخلاق الصحافة، ولمز فيها الأمين العام لحزب المصباح، فهو في نظره” كبير سحرة التفاهة” و”فاتح السياسة بتحلايقيت”، ولسنا في حاجة لتذكير صاحبنا إن كانت ذاكرته بهذا ” القصر” الفظيع، بأن من” تولى كِبر وإثم” إدخال التفاهة بل “الوساخة” إلى الفضاء العام  للمغاربة حسب تعبير هابرماس، هو الذي افتتح مسيرته المهنية بملحق “من القلب إلى القلب”، والذي سماه المغاربة أو على الأقل كثير منهم، تهكما ولا شماتة “من الكلب إلى الكلب”.
هذا الهجوم على ابن كيران لا يمكن فهمه إلا في سياق ما يجري في البلد وما هو مقبل عليه من ورش إصلاح المدونة، وليس عبثا أن يكون بجوار مقال صاحبنا وفي الصفحة الأولى، مقال آخر ومن نفس الحجم بعنوان ” البيجيدي ومدونة الأسرة.. وعودة الشعوبية”، جاء فيه أن الأمين العام للمصباح ” يسبُّ مطالب الاجتهاد في إصلاح المدونة”، وأنه” يخوض في هذا الموضوع بمنطق شعبوي متخلف”، وأعتقد جازما أن ما يريد صاحبنا الوصول إليه، هو بالضبط ما يفصح عنه المقال المجاور له بوضوح، في إطار لعبة تبادل وتكامل الأدوار.
إن هذا التوجه الذي يتم تصريفه عبر هذه الجريدة ومديرها، يقف وراءه من تزعجه خرجات ابن كيران التواصلية خصوصا في موضوع الأسرة، وتزعجه تحديدا نسب القبول التي يتلقاها الخطاب الذي ينتجه، فهذا الأخير بقدراته التواصلية الرهيبة ما زال يقض مضجع الكثيرين، وأن وصفة الثامن من شتنبر رغم ما خلفته من ندوب في جسم العدالة والتنمية، فإنها غير قادرة بتاتا على وقف تمدد خطاب العدالة التنمية وأمينها العام في المجتمع، ولهذا يسعى هؤلاء بأدواتهم المتعددة، -والجريدة ومديرها من تلك الأدوات”الصدئة”- إلى مصادرة حق هذا المكون المجتمعي وشيطنته بكل الأساليب بما فيها تلك الأكثر قذارة ووساخة.
إن من يقرأ مقالي الجريدة يخرج بسهولة باستتناج، أن القوم يريدون ممارسة الوصاية على الأمين العام للمصباح، وأن الولوغ في أسلوب الشيطنة واللمز أيضا باقتراف تلك الأوصاف “كبير سحرة التفاهة” و”مدخل تحلايقيت للسياسة وغيرها”، يعكس حالة من الرُّهاب يمكن وصفها بكل تجرد وموضوعية أنها نوع من “البنكيرانوفوبيا”، وأنهم بذلك يكشفون عن حقيقتهم الإقصائية عكس ما يدعونه ليل نهار من قيم الديمقراطية والحداثة وهلم زورا.
من جهة أخرى، فالأمر مرتبط أيضا بموضوع الملحمة البطولية التي يخوضها أهالينا بغزة في وجه حرب الإبادة والتطهير العرقي للآلة الإجرامية الصهيونية، حيث أن الجريدة ومن خلفها قد أعلنوها بكل صراحة ووضوح، واختاروا خندقهم بجنب الصهاينة بكل وقاحة حين أعلنوا “أنهم كلهم إسرائيليون”.
في حين أن حزب العدالة والتنمية بقي على عادته وفيا لقيم المجتمع وتوجهاته، في نصرة قضية فلسطين، ومناصرة المقاومة وإسنادها شعبيا وسياسيا وبكل الوسائل المتاحة، باعتبارها الطريق الوحيد لصيانة حق الشعب الفلسطيني في التحرر والتصدي للآلة الحربية العنصرية لكيان الاغتصاب.
وطبيعي أن اختيار هذا الخندق، والانخراط في الدينماميات الشعبية التي تشهدها كل مدن المملكة، وعلى رأسها المسيرة المليونية في الرباط، سيزعج هؤلاء القوم الذين لم يعودوا يخفون ارتباطهم بأجندة الصهينة الشاملة، وطبيعي أن يكون حظ العدالة والتنمية من الاستهداف وفيرا، بحكم حجم امتداده في المجتمع، وقدرة خطابه للنفاذ إلى أكبر الفئات، وهذا هو بيت القصيد في الموضوع كله.
ولكن الذي يجب أن يفهمه هؤلاء ومن يقف خلفهم، أن الأحزاب الحقيقية لا يمكن قتلها بهذه الأدوات “الصدئة”، وأنه لمواجهة حزب من حجم العدالة والتنمية، فإنه لا يكفي الإيواء إلى ركن “الأجندات المشبوهة”، لسبب بسيط أن “المعقول” لا يجابه إلا بـــ “المعقول”.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.