تكرار للفشل.. الصديقي: المذكرة التأطيرية لمشروع قانون مالية 2024 لا تختلف عن سابقاتها

أكد عبد السلام الصديقي، الخبير الاقتصادي والوزير السابق، أنه عند قراءة المذكرة التوجيهية لإعداد مشروع قانون المالية لسنة 2024، والتي تسمى عمومًا “المذكرة التأطيرية”، يمكننا أن نؤكد بكل موضوعية أنها لا تختلف عن سابقاتها سواء من حيث الأولويات أو من حيث التدابير الملموسة المعلنة.
وأضاف الصديقي في مقال رأي بعنوان “مشروع قانون المالية المقبل لسنة 2024 يكرس الاستمرارية”، نشره بعدد من المنابر الإعلامية الوطنية، أن هذا يرجع لسبب بسيط يكمن في كون الحكومة تعتقد بأنها على السكة الصحيحة، وأنها عملت بشكل جيد حتى الآن.
وتابع، ولذلك فهي لا تتردد في التعبير عن رضاها، مشيرا في هذا الصدد إلى النبرة المستوحاة من الصفحة الأولى التي جاء فيها: “لقد نجحت الحكومة.. في مواجهة هذه الضغوط وفي تدبير هذه الأزمات المتلاحقة والحد من تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية، عبر سياسة فعالة..”.
وأضاف الصديقي، “ومثلما لا نغير فريقًا فائزًا، لا نغير سياسة تؤتي أكلها أيضًا! وبالتالي، تعتزم الحكومة الاستمرار في إدارة شؤون البلاد بهذه الطريقة”.
وأردف، انطلاقا من روح هذه الاستمرارية، وتطبيقاً للتوجيهات الملكية المعلنة في خطاب العرش الأخير وانسجاما مع أسس البرنامج الحكومي، تحدد المذكرة الإطار أربع أولويات لمشروع قانون المالية المقبل لسنة 2024 وهي: توطيد تدابير مواجهة التأثيرات الظرفية، ومواصلة إرساء أسس الدولة الاجتماعية، ومتابعة تنزيل الإصلاحات الهيكلية، وتعزيز استدامة المالية العمومية.
وقال الصديقي إن هذه الأولويات تتجسد تباعاً في شكل إجراءات، بعضها دقيق ومحدد في شكل أرقام، وبعضها معبر عنها في شكل نوايا حسنة ووعود قد لا تتحقق.
وبخصوص التعليم بجميع أسلاكه، مثلا، يردف الوزير السابق، فلا تزال النتائج الملموسة والمشجعة في الانتظار. إذ يعاني نظامنا التعليمي من عدد كبير من الإصلاحات وتعقيداتها. فبدلاً من اتباع المسار المعتاد الذي ينبني على الانتقال من الأبسط إلى الأكثر تعقيدًا، فإننا نلاحظ أننا نسير في اتجاه معاكس. وهذا يفسر فشل الإصلاحات والاستراتيجيات المختلفة التي تم وضعها منذ ميثاق العشرية حتى الآن.
وأضاف، ويمكن ملاحظة نفس الفشل في التشغيل، إذ على الرغم من أن الحكومة تواصل التركيز على فوائد البرنامجين “أوراش” و”فرصة”، إلا أن النتائج لا تظهر في أرقام التشغيل والبطالة، ومن ذلك ما أشارت إليه المندوبية السامية للتخطيط في مذكرة صدرت مؤخرا.
وأوضح الصديقي أن الحكومة تسعى إلى تحقيق هدف تقليص عجز الميزانية. ونحن نؤيدها بالكامل، حتى لو كان ذلك فقط للحفاظ على استقلالنا والحد من اللجوء إلى السوق المالية الدولية. ولكن هناك العديد من الطرق لتحقيق ذلك دون اللجوء المفرط إلى الوصفات الليبرالية التي أكل الدهر عليها وشرب.
وقال الصديقي إنه حان الوقت، إذا أردنا أن تنتقل بلادنا إلى مرحلة أعلى من تطورها وفق الرغبة التي عبر عنها الملك، لمراجعة أنماط تفكيرنا وطرق تدبيرنا.
ولذلك، يعتبر الكاتب أن مشروع قانون المالية الذي تطبعه الجدية ليس بأي حال من الأحوال ترفًا، فهو ضروري لتمكين بلادنا من السير قدمًا على طريق التقدم واحتلال المكانة التي يستحقها في عالم يتغير بسرعة.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.