يوميات حملة استثنائية (3) – أين اختفى الرميد؟-

كلمة الموقع

قليل من انتبه الى اختفاء المصطفى الرميد، القيادي وعضو الامانة العامة لحزب العدالة والتنمية، ووزير العدل والحريات في حكومة عبد الإله ابن كيران، عن أجواء الانتخابات منذ تكليفه برئاسة لجنة التتبع رفقة وزير الداخلية، ذلك أنه ولأول مرة في تاريخ المغرب يتم إشراك وزارة العدل في تدبير ملف الانتخابات، اعتبارا لصلاحياتها في تحريك الدعوة العمومية وتوجيه النيابة العامة التي تمتلك سلطة التكييف الجنائي للافعال التي يمكن أن تشكل خرقا يترتب عليه جزاءات قانونية، وهو تجسيد للمسؤولية السياسية التي تتحملها الحكومة ورئيسها في تدبير هذا الاستحقاق، بالإضافة الى المسؤولية التنظيمية الموكولة بحكم الاختصاص  الى وزارة الداخلية. 
إن ابتعاد الرميد عن المشهد الانتخابي، لا يعكس فقط توجها إراديا من طرف هذا الأخير لأخذ مسافة بينه وبين استحقاقات اللحظة السياسية، بل إنه يترجم توجها حكوميا لإعطاء الفرقاء السياسيين الضمانات الكفيلة بتعزيز الثقة وتبديد الشك الذي حاولت بعض الأطراف خلق اساطير حوله، وصلت درجة التهديد بمقاطعة الانتخابات، وهو الأمر الذي يعكس في الحقيقة تخوفا غير مبرر من التحول نحو نمط جديد من الانتخابات، لا مجال فيه للكولسة ولعبة الابتزاز التي ألفها البعض وتطبع معها ولا يستطيع الانفطام عنها. 
 هذا التخوف عبر عن  نفسه ايضا من خلال سناريوهات ركيكة في الإخراج من قبيل الانسحابات المتكررة من اجتماعات اللجن النيابية وخلق توترات مفتعلة ودون موجب كلما تقدم النقاش في تنزيل القوانين ذات الصلة، أو تم قطع أشواط في اتخاذ التدابير الإجرائية التي تسبق عادة أي عملية انتخابية، ومن قبيل  إصدار بيانات شاردة تلوح بتهديدات فارغة، كان الهدف منها ابتزاز الحكومة والضغط عليها لترضخ  لمطالب الكولسة ومنطق ” عطيني نعطيك” وهو المنطق الذي  أضحت بدونه بعض الاحزاب غير مطمئنة بتاتا على موقعها في الخريطة السياسية بل حتى على استمرار وجودها فيها٠
من هذا المنطلق نفهم الدفاع المستميت من قبل البعض على عدم رفع العتبة، كما نفهم لماذا خسر المغرب رهان تحدي رفع المستوى التعليمي المطلوب في المنتخبين، حيث أصر  البعض على الحفاظ على عدته  من ” محترفي وأعيان الانتخابات” من الأميين الذين يعتبرون خزانا انتخابيا رغم عدم توفرهم على أي مؤهلات علمية تجعلهم أهلا لتسيير الجماعات وفقا للاختصاصات الجديدة.
مصطفى الرميد أصر على أن تبلغ الرسالة مداها الأَقْصَى، حيت اختار التغيب عن اللقاءات التعبوية والانتخابية بل حتى على عدد من اللقاءات التنظيمية للامانة العامة لحزبه، حتى لا يقع أي التباس بين إشرافه  على النيابة العامة كجهة تحرك الدعوى العمومية وبين صفته القيادية في حزبه، وبذلك يكون قد قطع الطريق على أولئك لذين استبقوا هذه اللحظة بترويج الأكاذيب حول التداخل بين صفتين، والادعاء بعدم شفافية ترؤس الرميد لجنة تتبع الانتخابات بمعية وزير الداخلية، والدفع بضرورة أن يكون من يتولى هذه المهمة محايدا وغير منتم سياسياً، وهو الأمر الذي تكذبه اليوم الوقائع ونجاعة التدخلات التي أسفر عنها تفعيل الرقم الأخضر لوزارة العدل، وأيضا الاحكام القضائية التي صدرت استعجاليا في ملفات تتعلق برفض الداخلية لبعض الترشيحات وحكم القضاء لصالح المُدَّعى عليهم وهم في الأغلب ينتمون الى أحزاب المعارضة، فهل تستطيع الآن تلك الأحزاب أن تتهم وزارة العدل بمولاة طرف على حساب آخر؟؟. 
وما دمنا في نقاش الإشراف على الانتخابات نطرح سؤالا عن صمت القبور لدى المعارضة، بخصوص حملة الداخلية وتنزيلها لأكثر من 365 إجراء تأديبيا في حق رجال السلطة وأعوانهم ممن تبث تورطهم في أفعال تخدش حيادية المرفق العمومي الذي يمثلونه، فلا ندري الى حدود الساعة ما يمنع المعارضة من التنويه بهذا الإجراء، إلا إذا كانت غير راضية عليه! وهو أمر يثير أكثر من علامة استفهام؟! . 
الإشراف السياسي من قبل الحكومة اليوم لحد الساعة برهن على تحملها لمسؤوليتها السياسية والاجراءات الاحترازية التي تتخذها في عدد من رجال السلطة الذين يشتبه في عدم لزومهم الحياد يؤكد ذلك، وعزل باشا بالعيون جراء شكاية ترتبط بخروقات ذات صلة بعملية المراجعة الاستثنائية يؤكد ذلك كما يؤكد ضرورة مواصلة الوزارتين الوصيتين على السهر على نزاهة الانتخابات ليقظتهما الى آخر نفس من أنفاس العملية الانتخابية من أجل أن يكون النجاح في امتحان النزاهة نجاحا لا مطعن لأية جهة فيه .
شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.